فقَالَ: لَمْ
تكنْ عادَةُ السَّلَفِ عَلَى عهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وخُلفائِه
الرَّاشدينَ أن يعتَادُوا القيامَ كُلَّما يرونه عليه السلام كَمَا يفعلُه كثيرٌ
مِنَ النَّاسِ، بل قد قالَ أنسُ بن مالك: لَمْ يَكُنْ شخصٌ أحَبَّ إليهم مِنَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وكَانُوا إِذَا رَأَوهُ لَمْ يقومُوا لَهُ لِمَا
يعلمون من كراهَتِه لذلك ([1])، ولكن رُبَّما قامُوا للقادم من مَغِيبه تلقِّيًا لَهُ
كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَامَ لعكرمةَ، وقَالَ
للأنصارِ لمَّا قدِمَ سَعدُ بن معاذ: «قُومُوا
إِلَى سَيِّدِكُمْ» ([2])، وكَانَ قد قدم ليَحكُمَ في بنِي قُريظةَ؛ لَأَنَّهُم
نزَلُوا عَلَى حُكمِه، والذي ينبغي للنَّاسِ أن يعتادوا اتِّبَاعَ السَّلَفِ عَلَى
ما كَانُوا عَلَيْهِ عَلَى عهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فإنَّهُم خيرُ
القُرونِ، وخيرُ الكلامِ كلامُ اللهِ، وخيرُ الهدْيِ هَديُ مُحَمَّدٍ صلى الله
عليه وسلم فلا يعدل أحَدٌ عَنْ هَدْيِ خَيرِ الورى، وهدي خيرِ القرونِ إِلَى ما
هُوَ دُونه، وينبغي للمُطَاعِ أن لا يقرَّ ذَلِكَ مع أصحابِهِ بحَيثُ إِذَا رأوه
لَمْ يَقُوموا لَهُ إلاَّ في اللِّقاءِ المعتادِ.
وأَمَّا
القيامُ لمَن يقدمُ من سفرٍ ونحو ذَلِكَ تلقِّيًا لَهُ فحسنٌ، وإِذَا كَانَ من
عادة النَّاسِ إكرامُ الجائي بالقيامِ، ولو تُرِكَ لاعتُقِدَ أنَّ ذَلِكَ لتَرْكِ
حقِّه، أو قصد خَفْضِه، ولَمْ يعلم العادَة الموافقة للسُّنَّةِ؛ فالأصْلَحُ أن
يُقامَ لَهُ؛ لأنَّ ذَلِكَ أصلحُ لذات البيْنِ وإزالة التَّباغض والشَّحناء،
وأَمَّا من عرف عادة القومِ الموافقة للسُّنَّةِ فليسَ في ترْكِ ذَلِكَ إيذاء
لَهُ.
ولَيْسَ هَذَا القيام - يعني: القيامَ المرخّص فِيهِ لدرءِ المفسدة في حَقِّ من لا يعرف السُّنَّة - لَيْسَ هُوَ مِنَ القيامِ المذكورِ في قولِهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([3])؛
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2754)، وأحمد رقم (12345)، وأبو يعلى رقم (3784).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد