×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

والأوَّلُ يضمنُ التوحيدَ في العلمِ والقولِ «يعني: توحيدَ الرُّبوبِيَّة» كَمَا دلَّ على ذَلِكَ سورةُ: {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1] ودلَّ عَلَى الآخرِ سُورة: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ [الكافرون: 1] ، وهما سُورتا الإخلاصِ، وبهما كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ بعدَ الفاتحةِ في ركعتي الفجرِ وركعتي الطَّوافِ، وغير ذَلِكَ.

ثُمَّ ذَكَرَ رحمه الله أنَّ الأصلَ الَّذِي يجبُ اتِّباعه في صفاتِ اللهِ عز وجل فقَالَ: فالأصلُ في هَذَا البابِ أن يوصفَ اللهُ بما وصَفَ به نفْسَه وبما وصَفَه به رُسُلُه نفيًا وإثباتًا؛ فيُثبَتُ للهِ ما أثبتَهُ لنفْسِه، ويُنْفَى عنه ما نفَى عَنْ نفسِه، يعني رحمه الله : أنَّ الأصلَ في إثباتِ الصِّفاتِ وتنزيه اللهِ عَنِ النقائصِ هُوَ الرُّجوع ُإِلَى كتابِ اللهِ وسنَّةِ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم ولا مدخْلَ للعقلِ والرَّأيِ في ذَلِكَ.

ثُمَّ ذَكَرَ موقِفَ السَّلَفِ من ذَلِكَ فقَالَ: وقَدْ علم أنَّ طريقةَ سلفِ الأُمَّةِ وأئمَّتِها إثباتُ ما أثْبتَهُ مِنَ الصِّفاتِ من غيرِ تكْيِيفٍ ولا تمثيلٍ، ومن غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، وكَذَلِكَ يُنفونَ عنه ما نفَاه عَنْ نفسِهِ، مع إثباتِ ما أثبته مِنَ الصِّفاتِ من غير إلحادٍ لا في أسمائِه ولا في آياتِهِ؛ فإِنَّ اللهَ تَعَالَى ذمَّ الَّذِينَ يُلحِدُونَ في أسمائِهِ وآياتِه كَمَا قالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [الأعراف: 180] ، وقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ أَفَمَن يُلۡقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيۡرٌ أَم مَّن يَأۡتِيٓ ءَامِنٗا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ [فصلت: 40] الآيَة، فطريقَتُهم إثباتُ الأسماءِ والصِّفاتِ مع نفْيِ مماثَلةِ المخْلُوقاتِ إثباتًا بلا تَشْبِيهٍ، وتنزيهًا بلا تعطيلٍ كَمَا قالَ تَعَالَى: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ [الشورى: 11] ، ففي قوله: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ


الشرح