×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 التحصيلِ، وإِنَّمَا يرجع إِلَى وجودٍ في التمثيلِ، فإنَّهُم يمثلونه بالممتنعاتِ والمعدوماتِ والجماداتِ ويعطِّلُون الأسماءَ والصِّفاتِ تعطيلاً يستلْزِمُ نفي الذاتِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيخُ أنَّهُ لا يلزَمُ من اتِّفاقِ أسماءِ اللهِ وصفاتِه مع أسماءِ المخْلُوقِينَ وصفَاتهم في الألفَاظِ اتِّفاقها في الحقائِقِ والأعيانِ، وضربَ لذلك مثلاً في مسمَّى الوُجودِ فالخالقُ سُبْحَانَهُ موجودٌ، والمخلوقُ موجودٌ، ولا يلزمُ من اتِّفَاقِهما في مُسمَّى الوجودِ أَنْ يَكُونَ وُجودُ هَذَا مثلَ وجودِ هَذَا، بل وجودُ هَذَا يخصُّه، ووجودُ هَذَا يخُصُّه، واتِّفاقهما في اسمٍ عامٍّ لا يقتضي تماثلُهُمَا في مسمَّى ذَلِكَ الاسمِ، عِنْدَ الإضافةِ والتَّخصيصِ والتَّقييدِ، فالعرشُ شيءٌ موجودٌ، والبعوضُ شيءٌ موجودٌ، ولا يقالُ: إنَّ هَذَا مثل هَذَا لاتِّفاقِهما في مسمَّى الشيءِ والوجودُ، ولِهَذَا سمَّى اللهُ نفسَه بأسماءٍ، وسمَّى صفَاتِه بأسماءٍ، وكانت تِلْكَ الأسماءُ مختصَّة به إِذَا أُضِيفَت إِلَيْهِ لا يَشارِكه فيها غيرُه، وسمَّى بَعْضَ مخلوقَاتِه بأسماءٍ مُختصَّةٍ بهم مضافة إليهم، توافق تِلْكَ الأسماءَ إِذَا قُطِعَتْ عَنِ الإضافةِ والتخصيصِ، ولَمْ يلزَمْ من اتِّفاقِ الاسمينِ عِنْدَ الإطلاقِ تماثل مسمَّاهما عِنْدَ الإضافةِ والتَّقييد، فقَدْ سمَّى اللهُ نفسَهُ حيًّا فقَالَ: {ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ [البقرة: 255] ، وسمَّى بَعْضَ عبادِه حيًّا فقَالَ: {يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ [يونس: 31] ، ولَيْسَ هَذَا الحيُّ مثل هَذَا الحيِّ، ولا بُدَّ من هَذَا في جميعِ أسماءِ اللهِ، وصِفَاتِه يفهَمُ منها ما دلَّ عَلَيْهِ الاسمُ بالمواطَأةِ والاتِّفاقِ، وما دلَّ عَلَيْهِ بالإضافةِ والتخصيصِ، المانعين من مشاركةِ المخلوقِ للخالقِ في شيءٍ من خصائِصِه سبحانه وتعالى .


الشرح