×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

الاختصاصِ يقيّد ذَلِكَ بما يتميَّزُ به الخالق عَنِ المخلوقِ والمخلوقِ عَنِ الخالقِ، ولا بُدَّ من هَذَا في جميعِ أسماءِ اللهِ وصفاتِه، يُفهَمُ منها ما دلَّ عَلَيْهِ الاسمُ بالمواطأَةِ والاتِّفاقِ وما دلَّ عَلَيْهِ بالإضافةِ والاختصاصِ، المانعة من مشاركةِ المخلوقِ للخالقِ في شيءٍ من خصائِصه سبحانه وتعالى .

وكَذَلِكَ سمَّى اللهُ نفسَه عليمًا حليمًا، وسمَّى بَعْضَ عبادِهِ عليمًا فقَالَ: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ [الذاريات: 28] ، يعني: إسحاقَ، وسمَّى آخرًا حلِيمًا فقَالَ: {فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ [الصافات: 101] ، يعني: إسماعيلَ، ولَيْسَ العليمُ كالعليمِ، ولا الحليمُ كالحليمِ.

وسمَّى نفسَهُ سَميعًا بصيرًا فقَالَ: {إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا [النساء: 58] ، وسمَّى بَعْض عبادِه سميعًا بصيرًا فقَالَ: {إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا [الإنسان: 2] ، ولَيْسَ السَّميعُ كالسميعِ، ولا البصيرُ كالبصيرِ.

وسمَّى نفسَهُ بالرَّؤُوفِ الرَّحيمِ فقَالَ: {إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ [البقرة: 143] ، وسمَّى بَعْضَ عبادِه بالرَّؤُوفِ الرَّحيمِ فقَالَ: {لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ [التوبة: 128] ، ولَيْسَ الرَّؤُوفُ كالرَّؤُوفِ، ولا الرَّحيمُ كالرَّحيمِ.

وسمَّى نفسَه بالمُؤمنِ المهيمن، وسمَّى بَعْضَ عبادِه بالمُؤمن، فقَالَ: {أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ [السجدة: 18] ، ولَيْسَ المُؤمنُ كالمؤمنِ، وسمَّى نفسَهُ بالعزيزِ فقَالَ: {ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ [الحشر: 23] ، وسمَّى بَعْضَ عبادِه بالعزيزِ فقَالَ: {قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ [يوسف: 51] ، ولَيْسَ العزيزُ كالعزيزِ، وسمَّى نفسَه الجبَّارَ المتكبِّرَ، وسمَّى


الشرح