×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 إرادةٌ تليقُ به وللمخلوقِ رضًا وغضبٌ يليقُ يه، فإن قالَ: تِلْكَ الصِّفاتُ أثبتُّهَا بالعقْلِ؛ لأنَّ الفعلَ الحادثَ دلَّ عَلَى القدرةِ، والتخصيصَ دلَّ عَلَى الإرادةِ، والإحكامَ دلَّ عَلَى العِلْمِ، وهذه الصِّفاتُ مستلزِمَةٌ للحياةِ، والحيُّ لا يخلو عَنِ السَّمعِ والبصرِ والكلامِ أو ضدّ ذَلِكَ.

·        ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيخ رحمه الله عَنْ ذَلِكَ جَوَابينِ:

الأوَّلُ: أَنْ يَكُونَ العقلُ دلَّ عَلَى هَذِهِ الصِّفاتِ الَّتِي ذكرتها فإِنَّهُ لا ينفي ما عداها؛ لأنَّ عدمَ الدَّليلِ المُعيَّن، لا يستلزمُ عدم المدلولِ المعيَّنِ، ولَيْسَ لك أن تنفِيَه بغيرِ دليلٍ؛ لأنَّ النَّافِيَ عَلَيْهِ الدَّليلُ كَمَا عَلَى المثبتِ، وقَدْ دلَّ الشَّرعُ عَلَى هَذِهِ الصفاتِ الَّتِي نفيتها، ولَمْ يعارضْ ذَلِكَ معارضٌ عقليٌّ ولا سمعيٌّ، فيجبُ إثبات ما أثبته الدَّليلُ السَّالمُ عَنِ المعارضِ المقاومِ.

والجوابُ الثَّاني أَنْ يُقَالَ: يمكنُ إثبات هَذِهِ الصَّفات الَّتِي نفيتها بالدَّليلِ العقليِّ أيضًا: بأَنْ يُقَالَ: نفعُ العبادِ والإحسانُ إليهم يدلُّ عَلَى الرَّحمةِ كدلالةِ التَّخصيصِ عَلَى المشيئَةِ، وإكرامُ الطَّائعينَ يدلُّ عَلَى محبَّتِهم، وعقابُ الكافرِينَ يدلُّ عَلَى بُغْضِهم، كَمَا ثَبَتَ بالشَّهادةِ والخبرِ من إكرامِ أوليائه وعقابِ أعدَائِه، والغاياتُ المحمودةُ في مفعولاتِهِ ومأموراته تدلُّ عَلَى حكمَتِه البالغة، ولِهَذَا كَانَ ما في القُرْآنِ من بيانِ ما في مخلوقاته مِنَ النِّعَمِ والحِكَمِ؛ أعظمُ مِمَّا في القُرْآنِ من بيانِ ما فيها مِنَ الدَّلالةِ عَلَى محضِ المَشِيئةِ.

ثُمَّ قالَ الشَّيخُ رحمه الله : وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مِمَّنْ يُنْكِرُ الصِّفَاتِ وَيُقِرُّ بِالأَْسْمَاءِ كَالْمُعْتَزِلِيِّ الَّذِي يَقُولُ: إنَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ وَيُنْكِرُ أَنْ يَتَّصِفَ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ قِيلَ لَهُ: لاَ فَرْقَ بَيْنَ إثْبَاتِ الأَْسْمَاءِ وَإِثْبَاتِ 


الشرح