الصِّفَاتِ
فَإِنَّك إنْ قُلْت: إثْبَاتُ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ يَقْتَضِي
تَشْبِيهًا أَوْ تَجْسِيمًا؛ لأَِنَّا لاَ نَجِدُ فِي الشَّاهِدِ مُتَّصِفًا
بِالصِّفَاتِ إلاَّ مَا هُوَ جِسْمٌ، فَإِنْ نَفَيْت مَا نَفَيْت لِكَوْنِك لَمْ
تَجِدْهُ فِي الشَّاهِدِ إلاَّ لِلْجِسْمِ فَانْفِ الأَْسْمَاءَ بَلْ وَكُلَّ
شَيْءٍ لأَِنَّك لاَ تَجِدُهُ فِي الشَّاهِدِ إلاَّ لِلْجِسْمِ، إِلَى أن قالَ
رحمه الله :
الأصل الثاني:
القولُ في الصِّفاتِ كالقولِ في الذَّاتِ؛ فإِنَّ اللهَ لَيْسَ كمِثْلِه شيءٌ لا
في ذاتِه ولا في صِفَاتِه ولا في أفْعَالِه، فإِذَا كَانَ لَهُ ذاتٌ حقيقةً لا
تُمَاثِلُ الذَّواتَ، فالذَّاتُ متَّصِفَةٌ بصفَاتٍ حقِيقةً لا تُماثِلُ سَائرَ
الصِّفَاتِ، فإِذَا قالَ السَّائلُ: كيف استوى عَلَى العرشِ؟ قِيلَ لَهُ:
كَمَا قالَ ربيعةُ ومالكٌ، وغيرُهما رضي الله عنهما : «الاستواءُ معلومٌ، والكيفُ
مجهولٌ، والإيمانُ به واجبٌ، والسُّؤالُ عَنِ الكيفِيَّةِ بدعَةٌ؛ لأَنَّهُ سؤالٌ
عمَّا لا يعْلَمُهُ البشرُ ولا يُمْكِنُهم الإجابةَ عنه».
وكَذَلِكَ
إِذَا قالَ: كيفَ ينزلُ ربُّنا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ
هُوَ؟ فإِذَا قالَ: لا أعلَمُ كيفِيَّتَه، قِيلَ لَهُ: ونَحنُ لا نعلمُ كيفيَّةَ
نُزُولِه؛ إذِ العلمُ بكيفِيَّةِ الصِّفةِ يستَلْزِمُ العِلْمَ بكيفِيَّةِ
المَوصُوفِ وَهُوَ فرعٌ لَهُ وتابعٌ لَهُ، فكَيْفَ تُطَالبُنِي بكيفِيَّةِ سَمْعِه
وبَصَرِه وتَكْلِيمِه واستِوَائِه ونُزُولِه، وأنتَ لا تعلمُ كيفِيَّةَ ذاتِه؟ وإِذَا
كنتَ تُقِرُّ بأن لَهُ حقيقةً ثابتةً في نفسِ الأمرِ، مستوجبةً لصفاتِ الكمَالِ لا
يُماثِلُها شيءٌ، فسمْعُه وبَصَرُه وكَلامُهُ ونُزُولُهُ واستِوَاؤُه ثابتٌ في
نفسِ الأمرِ، وَهُوَ متَّصِفٌ بصفاتِ الكمَالِ الَّتِي لا يُشَابِهه فيها سمعُ
المخلوقِينَ وبَصرُهم وكَلامُهم ونُزُولُهم واسْتِواؤُهُم.
انتهى المقصودُ
في كلامِ الشَّيخِ رحمه الله ، وَهُوَ بهذه المناظرة مع نُفاةِ الصِّفاتِ بعضها أو
جميعها قد أفحمَهم وألزمَهم بالاعترافِ بالحقِّ، وإلا كَانُوا معاندين، فالواجِبُ
عَلَى المسلمِ الإيمانُ بما جاءَ في الكتابِ
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد