مِنَ
التَّبايُنِ ما لا يعلَمُهُ إلاَّ اللهُ تَعَالَى، فالخالقُ سبحانه وتعالى أعظمُ
مباينَةً للمخلوقاتِ من مبايَنَةِ المخلوقِ للمخلوقِ، ومباينَتِه لمخْلُوقَاته
أعظَمُ من مباينَةِ مَوجُود الآخِرَةِ لموجودِ الدُّنْيَا، إذ المخلوقُ أقربُ
إِلَى المخلوقِ الموافِقُ لَهُ في الاسْمِ مِنَ الخالقِ إِلَى المخلوقِ، فالسَّلفُ
والأَئِمَّةُ وأتبَاعُهم آمنوا بما أخبر اللهُ به عَنْ نفْسِه وعن اليومِ الآخرِ،
مع علْمِهِم بالمُبَاينةِ الَّتِي بَيْنَ ما في الدُّنْيَا وبين ما في الآخِرَةِ،
وأن مبَاينةَ اللهِ لخلقِهِ أعظَمُ، وطوائِفُ من أهلِ الكلامِ أثبتوا ما أخبر اللهُ
به في الآخرةِ مِنَ الثوابِ والعقابِ، ونَفَوْا كَثيرًا مِمَّا أخبر به عَنْ
نفْسِهِ مِنَ الصِّفاتِ، ويريدُ الشَّيخُ رحمه الله بهذا أنْ يُبيِّنَ تناقُضَهم؛
لأنَّ البابَ واحدٌ يجِبُ الإيمان بكُلِّ ما أخبر اللهُ عنه من أمورِ الغيبِ.
ثُمَّ قالَ
رحمه الله : واللهُ سُبْحَانَهُ لا تُضرَبُ لَهُ الأمثالُ الَّتِي فيها مماثلةٌ لخلقِهِ،
فإِنَّ اللهَ لا مَثيلَ لَهُ بل لَهُ المثلُ الأعلى، فلا يَجُوزُ أن يُشْرَكَ هُوَ
والمخلوقاتُ في قياسِ تمثيلٍ ولا في قياسِ شُمولٍ تستوي أفْرَادُه، ولكن يستعمل في
حَقِّه المثَلُ الأعلى، وَهُوَ أنَّ كُلَّ ما اتَّصفَ به المخلوقُ من كمالٍ
فالخالقُ أولى به، وكُلُّ ما ينزَّهُ عنه المخلوقُ من نقصٍ فالخالِقُ أولى
بالتَّنزِيهِ عنه، فإِذَا كَانَ المخلوقُ منزَّهًا عَنْ مماثَلةِ المخْلُوقِ مع
الموافقَةِ في الاسمِ، فالخالقُ أولَى أن يُنزَّهَ عَنْ مماثلَةِ المخلوقِ، وإن
حصلت موافَقةٌ في الاسْمِ.
ثُمَّ ذَكَرَ
رحمه الله : المثل الثاني: وَهُوَ أنَّ الرُّوحَ الَّتِي فينا قد وُصِفَتْ
بصفَاتٍ ثُبوتِيَّةٍ وسَلبيَّةٍ، فأخبرتِ النُّصوصُ أنَّها تعرجُ وتصعَدُ من سماءٍ
إِلَى سماءٍ، وأنَّها تُقبَضُ مِنَ البدنِ وتُسَلُّ منه كَمَا تُسَلُّ الشعرةُ
مِنَ العجينةِ، ثُمَّ ذَكَرَ اختِلاَفَ النَّاسِ في حقيقةِ الرُّوحِ، إِلَى أن
قالَ:
الصفحة 2 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد