يريد
الشَّيخُ رحمه الله من هَذَا البيانِ أنَّ التأويلَ المعروفَ في اللُّغةِ وعندَ
السَّلَفِ قسمانِ:
الأوَّلُ: تفسيرُ الكلامِ وبيان معناه، والثاني: حقيقةُ ما
يؤُول إِلَيْهِ الشَّيءُ المُخبر عنه، وأَمَّا النوعُ الثَّالثُ وَهُوَ صرفُ
اللَّفظِ عَنْ ظاهِرِه وَهُوَ الاحتمالُ الرَّاجحُ إِلَى احتمالٍ مرجوحٍ؛ فليسَ
معروفًا لا في اللُّغةِ ولا عِنْدَ السَّلَفِ، وإِنَّمَا هُوَ مِمَّا أحدَثَه
المتأخِّرُونَ، وَهَذَا الَّذِي استخدَمُوه في صَرفِ نُصوصِ الصِّفاتِ الإلهِيَّةِ
عمَّا دلَّتْ عَلَيْهِ مِنَ الحقِّ.
ثُمَّ بَيَّنَ
الشَّيخُ رحمه الله نقطةً أُخْرَى أو هي بالأصَحِّ عودُ إِلَى ما سبقَ بيانه من
أنَّ بَيْنَ أسماءِ اللهِ وصفاتِه وأسمَاءِ وصفاتِ المخلوقين اشتراكًا في المعنى لا
يقْتَضِي اشتراكهما في الحقيقةِ، وَهَذَا الاشتراكُ في المعنى يُسمَّى بالتَّشابُه
من حَيْثُ اللَّفظِ، كالتَّشَابُهِ الَّذِي بَيْنَ ما في الدُّنْيَا مِنَ
المسمَّياتِ وما في الآخِرَةِ وَهُوَ لا يقتضي التَّشابه في الحقائقِ.
قالَ الشَّيخُ
رحمه الله في هَذَا المعنى: ولِهَذَا ما يجيءُ في الحديثِ نعمل بمحْكَمِه ونؤْمِنُ
بمتشَابِهِه؛ لأنَّ ما أخبرَ اللهُ به عَنْ نفسِه وعن اليومِ الآخرِ فِيهِ ألفاظٌ
متشابِهَةٌ يشْبِهُ معَانيها ما نعْلَمُه في الدُّنْيَا، كَمَا أخبر أنَّ في
الجنَّةِ لحمًا ولبنًا وعسلاً وخمرًا ونحو ذَلِكَ، وَهَذَا يُشْبِهُ ما في
الدُّنْيَا لفظًا ومعنًى، ولكن لَيْسَ هُوَ مثلُهُ ولا حقيقته، فأسماءُ اللهِ
تَعَالَى وصِفَاتُه أوْلَى، وإن كَانَ بينهما وبين أسمَاءِ العبادِ وصِفَاتهم
تشَابُهٌ لا يَكُونُ الخالقُ من أجْلِه مثل المخلوقِ، ولا حقيقَتُه كحقيقَتِه.
ثُمَّ ذَكَرَ
الشَّيخُ رحمه الله الحِكمَةَ من وجودِ هَذَا التَّشابه بَيْنَ الحاضرِ والغائبِ
فقَالَ: والإخبارُ عَنِ الغائبِ لا يُفهَمُ إن لَمْ يعبَّرْ عنه بالأسماءِ
المعلومَةِ معانيها في الشَّاهدِ، ويُعْلَمُ بها ما في الغائبِ بواسطةِ العِلْمِ
بما
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد