×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 خلَقَ الخَيرِ، والظُّلمَة خلَقَتِ الشَّرَ، ثُمَّ ذكرُوا لهم في الظُّلمةِ قَولين: أحدُهُما: أنَّها محدثة فتكُون من جملةِ المخلُوقاتِ لَهُ، والثاني: أنَّها قَديمَةٌ لكِنَّها لَمْ تفعلْ إلاَّ الشَّرَّ فكانت ناقِصَةً من ذاتِهَا وصِفَاتها ومفعولاتها عَنِ النُّورِ، وقَدْ أخبر سُبْحَانَهُ عَنِ المشركين من إقْرَارِهم بأنَّ اللهَ خالقُ المخلوقاتِ ما بيَّنَهُ في كتَابِه فقَالَ: {وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ [الزمر: 38] وقَالَ تَعَالَى: {قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٤ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٨٥ قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ٨٦ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ٨٧ [المؤمنون: 84- 87] ، إِلَى قولِهِ: {قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ [المؤمنون: 89] ، إِلَى قولِهِ: {مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۢ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [المؤمنون: 91] ، وقَالَ: {وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ [يوسف: 106] .

ويريدُ الشَّيخُ رحمه الله من هَذَا الكلامِ، وإيراد هَذِهِ الآياتِ القرآنِيَّةِ الدَّالةِ عَلَيْهِ بيان أنَّ المشركين عَلَى اختِلافِ مِلَلِهم لَمْ يُشْرِكُوا باللهِ في الرُّبوبِيَّةِ؛ فلَمْ يَزْعُمُوا لآلهتهم الَّتِي يعبدُونَها معَ اللهِ أنَّها تُشَارِكُ اللهَ في الخلقِ والرِّزقِ والإحيَاءِ والإمَاتةِ، وإِنَّمَا يُريدُون منها أنْ تشفَعَ لهم عِنْدَ الله تَعَالَى وتُقرِّبُهم إِلَيْهِ زُلفى، كَمَا قالَ تَعَالَى: {وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [يونس: 18] ،


الشرح