وقوله تعالى: {قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ ٱهۡتَدَيۡتُ
فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيبٞ﴾ [سبأ: 50] ، وقوله: {قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ﴾ [الأنبياء: 45] .
هكذا بَيَّن
الشيخ رحمه الله فصل النزاع في مسألة التحسين والتقبيح، وأن العقل يدركهما في
الجملة دون التفاصيل، لا كما يقوله من زعم أن العقل يستقل بإدراك ذلك، ولا من زعم
أن العقل لا يدرك شيئًا من ذلك، ولهذا قال رحمه الله : ولكنْ توهمت طائفة أن
للحُسْن والقُبْح معنى غير هذا، وأنه يُعلم بالعقل، وقابلتهم طائفة أخرى ظنت أن ما
جاء به الشرع من الحُسْن والقُبْح يخرج عن هذا، فكِلا الطائفتين اللتين أثبتتا
الحُسْن والقُبْح العقليَّين أو الشرعيَّين وأخرجتاه عن هذا القسم غَلِطَت.
ثم تناول الشيخ
رحمه الله طائفة الصُّوفيَّة الذين يقفون مع توحيد الرُّبُوبيَّة والقَدَر، ولا
ينظرون إلى الشَّرْع، وما فيه من الأوامر التي تأمر بالبِر وفعل الخير والطاعة،
وتنهى عن الشر والمعصية، وأن مذهبهم هذا معناه إلغاء الشرع، وعدم التفريق بين
الطاعة والمعصية وبين الكفر والإِيمَان؛ لأن كُلًّا منهما مُقَدَّر من الله كما
يقولون.
قال رحمه الله
في هذا الموضوع: فمن نظر إلى القَدَر فقط وعَظَّم الفناء في توحيد الربوبية، ووقف
عند الحقيقة الكونية، لم يميز بين العلم والجهل والصدق والكذب، والبر والفجور
والعدل والظلم، والطاعة والمعصية، والهُدى، والضلال، والرشاد والغَي، وأولياء الله
وأعدائه، وأهل الجنة وأهل النار، وهَؤُلاء مع أنهم مخالفون بالضرورة لكُتُب الله
ودينه وشرائعه فهم مخالفون أيضًا لضرورة الحِسّ والذَّوْق وضرورة العقل والقياس.
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد