فالمتأوِّل والجاهل المعذور ليس حُكمه كما
المُعانِد والفاجر، بل قد جعل الله لكل شيء قَدْرًا.
وقال رحمه الله
: وأما الصلاة خلف أهل الأهواء والبدع وخلف أهل الفجور ففيه نزاع مشهور، لكنَّ
أوسط الأقوال في هَؤُلاء أن تقديم الواحد من هَؤُلاء في الإمامة لا يجوز مع القدرة
على غيره، فإن كان مُظهرًا للفجور أو البدع يجب الإنكار عليه ونهيه عن ذلك، وأقل
مراتب الإنكار هجره لينتهي عن فجوره وبدعته، ولهذا فَرَّق جمهور الأئمة بين
الداعية وغير الداعية، فإذا الداعية أظهر المنكر استحق الإنكار عليه، بخلاف الساكت
فإنه بمنزلة من أُسِر بالذنب، فهذا لا يُنكر عليه؛ فإن الخطيئة إذا خفيت لم تضر
إلاَّ صاحبها، ولكن إذا أُعلنت فلم تُنكر ضَرَّت العامة، ولهذا كان المنافقون
تُقبل منهم علانيتهم وتُوكل سرائرهم إلى الله تعالى، بخلاف من أظهر الكفر؛ فإذا
كان داعية مُنع من ولايته وإمامته وشهادته وروايته لِما في ذلك من النهي عن المنكر
لا من أجل فساد الصلاة أو اتهامه في شهادته وروايته، فإذا كان لإِنسَان أن لا
يُقدَّم مظهرًا للمنكر في الإمامة وجب ذلك، لكن إذا ولاه غيره ولم يمكنه صرفه عن
الإمامة، أو كان هو لا يتمكن من صرفه إلاَّ بشرّ أعظم ضررًا من ضرر ما أظهره من
المنكر؛ فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل
أعظم الضررين؛ فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها
بحسب الإمكان، ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يكن أن يجتمعا جميعًا ودفع شرّ
الشرّين إذا لم يندفعا جميعًا، فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور إلاَّ بضرر
زائد على ضرر إمامته لم يجز ذلك، بل يصلي خلفه
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد