×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 يُقال: لم يُنقل عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها كلامٌ! بل هذا كلام متناقض في نفسه؛ إذ كونها من أصول الدين يوجب أن تكون من أهم أمور الدين، وأنها مما يحتاج إليه الدينُ، ثم إن نفي نقل الكلام فيها عن الرسول صلى الله عليه وسلم يوجب أحد أمرين: إما أن الرسول أهمل الأمور المهمة التي يحتاج الدين فلم يبينها، أو أنه بينها فلم تنقلها الأمة، وكِلا هذين باطل قطعًا، وهو من أعظم مطاعن المنافقين في الدين، وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول، أو جاهل بما يعقله الناس بقلوبهم، أو جاهل بهما جميعًا، فإن جهله بالأول يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من أصول الدين وفروعه، وجهله بالثاني يوجب أن يُدخل في الحقائق ما يسميه هو وأشكاله عقليات، وإنما هي جهليات! وجهله بالأمرين يوجب أن يظن من أصول الدين ما ليس منها من المسائل والوسائل الباطلة، وأن يظن عدم بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لما ينبغي أن يعتقد، وذلك أن أصول الدين إما أن تكون مسائلَ يجب اعتقادها قولاً أو قولاً وعملاً؛ كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد أو دلائل هذه المسائل.

أما القسم الأول: فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بيانًا شافيًا قاطعًا للعُذر؛ إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين وبينه للناس، وهو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه، وكتاب الله الذي نقله الصحابة ثم التابعون عن الرسول لفظُه ومعانيه، والحكمة التي هي سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلوها أيضًا عن الرسول مشتملةٌ من ذلك على غاية المراد وتمام الواجب والمستحب.


الشرح