والحمد لله
الذي بعث إلينا رسولاً من أنفسنا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة
الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا، الذي أنزل
الكتاب تفصيلاً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين: {مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ
وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى
وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ﴾ [يوسف: 111] ،
وإنما يظن عدم اشتمال الكتاب والحكمة على بيان ذلك من كان ناقصًا في عقله وسمعه،
ومن له نصيب من قول أهل النار الذين قالوا: {لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ
مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [الملك:
10] .
ثم بيَّن
اشتمال القرآن على الدلائل العقلية فقال: وأما القسم الثاني: وهو دلائل هذه
المسائل الأصولية، فإنه كان يظن طوائفُ من المتكلمين والمتفلسفة أن الشرع إنما يدل
بطريق الخبر الصادق؛ فدلالته مُوقَفة على العلم بصدق المُخبِر، ويجعلون ما يُبنى
على صدق المخبِر منقولاتٍ مَحْضَة! فقد غلطوا غلطًا عظيمًا، بل ضلوا ضلالاً مبينًا
في ظنهم أن دلالة الكتاب والسنة إنما هي بطريق الخبر المجرد، بل الأمر ما عليه
سلفُ الأمة وأئمتُها - أهل العلم والإِيمَان - من أن الله سبحانه وتعالى بين من
الأدلة العقلية التي يُحتاج إليها في العلم بذلك ما لا يُقدِّر أحد من هَؤُلاء
قدره.
ونهاية ما يذكرونه جاء القرآن بخلاصته على أحسن وجه، وذلك كالأمثال المضروبة التي يذكرها الله تعالى في كتابه التي قال فيها: {وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ﴾ [الروم: 58] ، فالأمثال المضروبة هي الأقيسة العقلية.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد