×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 إلى أن قال: ومثال ذلك أنه سبحانه لما أخبر بالمَعَاد - والعِلمُ به تابعٌ للعلم بإمكانه - فإن الممتنع أن يكون بين سبحانه إمكانه أتم بيان ولم يسلك في ذلك ما يسلكه طوائفُ من أهل الكلام؛ يعني: من استخدام المقدمات والنتائج المنطقية التي كثيرًا ما يدخلها الخَلل وعدم الانضباط.

بل بين سبحانه الدليل على وقوع البعث بمثل قوله تعالى: {أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلٗا لَّا رَيۡبَ فِيهِ فَأَبَى ٱلظَّٰلِمُونَ إِلَّا كُفُورٗا [الإسراء: 99] ، وقوله: {أَوَ لَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّٰقُ ٱلۡعَلِيمُ [يس: 81] ، وقوله: {أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [الأحقاف: 33] ، وقوله: {لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ [غافر: 57] ؛ فإنه من المعلوم ببداهة العقول أن خلق السماوات والأرض أعظم من خلق أمثال بني آدم، والقدرةُ عليه أبلغُ، وأن هذا الأيسر - يعني: خلق الإِنسَان - أولى بالإمكان والقدرة من ذلك.

وكذلك استدلاله على ذلك بالنشأة الأولى في مثل قوله: {وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ [الروم: 27] ، ولهذا قال بعد ذلك: {وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ [الروم: 27] ، وقال {إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ [الحج: 5] الآية.

وكذلك ما ذكره في قوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ ٧٨ قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩ [يس: 78- 79] الآيات.


الشرح