بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة،
وإنما كره الأئمة علم الكلام إذا لم يُحْتَجْ إليه، ولهذا خاطب النَّبيّ صلى الله
عليه وسلم أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، وكانت صغيرة وُلدت بأرض الحبشة؛ لأن
أباها كان من المهاجرين إليها، فقال لها: «يَا
أُمَّ خَالِدٍ سَنَا» ([1])، والسنا بلغة الحبشة الحَسَن؛ لأنها كانت من أهل هذه
اللغة.
وكذلك يُترجم
القرآن والحديث لمن يُحتاج إلى تفهيمه إياه بالترجمة، وكذلك يقرأ المسلم ما يحتاج
إليه من كتب الأمم وكلامهم بلغتهم ويترجمها بالعربية؛ كما أمر النَّبيّ صلى الله
عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود ليقرأ له ويكتب له؛ حيث لم يأمن
اليهود في ذلك ([2]).
فالسلف والأئمة
لم يكرهوا الكلام لمجرد ما فيه من الاصطلاحات المُوَلَّدة، كلفظ الجَوْهَر
والعَرَض والجسم وغير ذلك، بل لأن المعاني التي يعبرون عنها بهذه العبارات فيها من
الباطل المذموم في الأدلة والأحكام ما يجب النهي عنه؛ لاشتمال هذه الألفاظ على
معاني مجملة من النفي والإثبات، كما قال الإمام أحمد في وصفه لأهل البدع فقال: هم
مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب، يتكلمون بالمتشابه
من الكلام، ويُلَبِّسُون على جُهَّال الناس بما يتكلمون به من المتشابه.
قال الشيخ: فإذا عُرفت المعاني التي يقصدونها بأمثال هذه العبارات - يعني: الجَوْهَر والعَرَض والجسم - ووُزنت بالكتاب والسنة بحيث يُثْبِت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة، وينفي الباطل الذي نفاه الكتاب
([1])أخرجه: البخاري رقم (5507).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد