×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 والسنة - كان ذلك هو الحق، بخلاف ما سلكه أهل الأهواء من التكلم بهذه الألفاظ نفيًا أو إثباتًا في الوسائل والمسائل من غير بيان التفصيل والتقسيم الذي هو الصراط المستقيم، وهذا من مثارات الشُّبهة، فإنه لم يُوجد في كلام النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة والتابعين ولا أحد من الأئمة المتبوعين أنه عَلَّق بمسمى لفظ الجَوْهَر والجسم والتحيز والتعرض ونحو ذلك شيئًا من أصول الدين؛ لا الدلائل ولا المسائل.

والسلف والأئمة الذين ذَمُّوا وبَدَّعُوا الكلام في الجَوْهَر والجسم والعَرَض تضمن كلامهم ذم من يُدخل المعاني التي يقصدها هَؤُلاء بهذه الألفاظ في أصول الدين؛ في دلائله وفي مسائله نفيًا وإثباتًا، فأما إذا عَرَف المعاني الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة وعبر عنها لمن يفهم بهذه الألفاظ ليتبين ما وافق الحق من معاني هَؤُلاء وما خالفه؛ فهذا عظيم المنفعة، وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا، كما قال تعالى: {كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ [البقرة: 213] ، وهو مثل الحكم بين سائر الأمم بالكتاب فيما اختلفوا فيه المعاني التي يعبرون عنها بوضعهم وعُرْفهم، وذلك يحتاج إلى معرفة معاني الكتاب والسُّنة ومعرفة معاني هَؤُلاء بألفاظهم، ثم اعتبار هذه المعاني بهذه المعاني ليظهر الموافق والمخالف.

ومقصود الشيخ مما سبق ذكره أن أدلة الكتاب والسنة كافية في بيان الحق ورد الباطل، وشاملة لأصول الدين وفروعه، وهي أدلة معصومة من الخطأ؛ لأنها {تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ [فصلت: 42] ، أما قواعد المَنْطِق وأدلة المتكلمين فهي من وَضْع البشر فيها الخطأ وفيها الصواب


الشرح