لاىولا حاجة
بالأمة إليها، لكن لا مانع من التعبير بما تَضَمَّن الحق منها لمن يحتاج إلى ذلك،
ولا يُعرف ما فيها من الحق إلاَّ بعرضها على الكتاب والسنة؛ فما وافقهما فهو حق،
وما خالفهما فهو باطل، ومن لا يحتاج إلى قواعد المنطق وعلم الكلام فلا يجوز له أن
يتكلم بهما ويعتاض بهما عن أدلة الكتاب والسنة.
وما ذكره الشيخ
هنا يخالف منهج المتكلمين الذين يجعلون قواعد المنطق وأدلة المتكلمين التي يسمونها
الأدلة العقلية يجعلونها هي الأصل ويَعرضون عليها أدلة الكتاب والسنة، فما وافقها
قبلوه وما خالفها إما رَدُّوه إن استطاعوا وإلا أَوَّلُوه وحَرَّفُوه، ويقولون: إن
الأدلة العقلية قَطْعِيَّة الدلالة وأدلة الشرع ظَنِّيَة الدلالة، والقَطْعِيّ هو
الأصل! لكنا نقول: هذا من قلب الحقائق، كيف يُجعل ما هو من عند البشر قطعي
الدلالة، وما هو من عند الله ظني الدلالة؟! ثم كيف يُوثَق بقواعد المنطق وأدلة
المتكلمين وهي متضاربة متهافتة يَنْقُض بعضها بعضًا؟! وقد أقرواعلى أنفسهم
بالحَيْرَة حتَّى قال بعض كِبَارهم:
لَعَمْرِي
لَقَدْ طُفْتُ الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا |
|
وَسَيَّرْتُ
طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَالِمِ |
فَلَمْ
أَرَ إلاَّ وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ |
|
عَلَى
ذَقَنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ |
وقال بعضهم:
نِهَايَةُ
إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ |
|
وَأَكْثَرُ
سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلاَلُ |
وَأَرْوَاحُنَا
فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا |
|
وَغَايَةُ
دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ |
وَلَمْ
نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا |
|
سِوَى
أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ: قِيلَ وَقَالُوا |
قال: ولقد
تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تَشفي عليلاً، ولا تَرْوي
غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقةَ القرآن، أقرأ في
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد