ثم بيَّن الشيخ
رحمه الله أن ما كان من أصول الدين فإن الله لم يَنْهَ عن معرفته وتعلُّمه والسؤال
عنه حتَّى يُعرف.
قال رحمه الله
: وأما أن يكون الكتاب والسُّنة نهى عن معرفة المسائل التي تدخل فيما يستحق أن
يكون من أصول دين الله فهذا لا يكون، اللهم إلاَّ أن نُنهى عن بعض الأحوال مثل
مخاطبة شخص بما يَعْجَز عنه فَهْمُه فيَضِل؛ كقول عبد الله بن مسعود ([1])، وقول عليّ رضي الله عنه : «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، ودَعُوا ما يُنكِرون،
أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟!» ([2])أو مثل قول حق يستلزم فسادًا أعظم مِن تركه؛ فيدخل في
قوله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ رَأَى
مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الإِْيمَانِ» ([3])، رواه مسلم.
ثم بيَّن الشيخ رحمه الله درجاتِ وجوب معرفة ما جاء به النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: لا ريب أنه يجب على كل أحد أن يُؤْمِن بما جاء به الرسولُ إِيمَانا عامًّا مُجْمَلاً، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول على التفصيل فرضٌ على الكفاية؛ فإنّ ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله به رسوله وداخلٌ في تَدَبُّر القرآن وعَقْله وفَهْمه وعِلْم الكتاب والحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ونحو ذلك مما أوجبه الله على المؤمنين؛ فهو واجب على الكفاية منهم، وأما ما يجب على أعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قَدْرهم ومعرفتهم وحاجتهم، وما أُمر به أعيانُهم؛ فلا يجب على العاجز عن سماع بعض العلم أو عن فَهْم دقيقه ما يجب على القادر على ذلك، ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب
([1])أخرجه: مسلم في «المقدمة».
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد