وقال: قد ثبت
في «الصحيح» عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([1])، ولازمُ ذلك أن من لم يفقهه في الدين لم يرد به خيرًا؛
فيكون التَّفَقُّه في الدين فرضًا.
والتَّفَقُّه
في الدين: معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها
السَّمْعِيَّة؛ فمن لم يعرف ذلك لم يكن متفقهًا في الدين؛ لكن مِن الناس من قد
يعجز عن معرفة الأدلة التفصيلية في جميع أموره فيسقط عنه ما يعجز عن معرفته ويلزمه
ما يقدر عليه.
وأما
القادر على الاستدلال: فقيل: يحرم
عليه التقليدُ مطلقًا، وقيل: يجوز مطلقًا، وقيل: يجوز عند الحاجة كما إذا ضاق
الوقت عن الاستدلال، وهذا القول أعدل الأقوال.
والاجتهاد ليس هو أمر واحد لا يقبل التَّجَزُّؤ والانقسام، بل قد يكون الرجل مجتهدًا في فن أو باب أو مسألة دون فن وباب ومسألة، وكل أحد فاجتهاده بحسب وُسْعه؛ فمن نظر في مسألة تنازع العلماء فيها ورأى مع أحد القولين نصوصًا لم يعلم لها معارضًا بعد نظر مثله فهو بين أمرين: إما أن يتبع قول القائل الآخر لمجرد كونه الإمام الذي اشتغل على مذهبه ومثله ليس بحجة شرعية بل مجرد عادة يعارضها عادة غيره واشتغال على مذهب إمام آخر، وإما أن يتبع القول الذي ترجَّح في نظره بالنصوص الدالة عليه، وحينئذ فتكون موافقته لإمام يقاوم ذلك الإمام، وتبقى النصوص سالمة في حقه عن المعارَض بالعمل، فهذا هو الذي يصلُح، وإنما تَنَزَّلْنَا هذا التَّنَزُّل؛ لأنه قد يقال: إن نَظَر هذا قاصرٌ وليس اجتهاده قائمًا في هذه المسألة لضعف آلة الاجتهاد في حقه.
([1])أخرجه: البخاري رقم (71)، ومسلم رقم (1037).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد