أما إذا قَدَر
على الاجتهاد التامّ الذي يَعتقد معه أن القول الآخر ليس معه ما يَدفع به النص؛
فهذا يجب عليه اتباع النصوص، وإن لم يفعل كان متبعًا للظن وما تهوى الأنفس، وكان
من أكبر العصاة لله ولرسوله، بخلاف من يقول: قد يكون للقول الآخر حجة راجحة على
هذا النص وأنا لا أعلمها؛ فهذا يقال له: قد قال الله تعالى: {فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16] ، وقال النَّبيّ صلى الله عليه
وسلم «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ
فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ([1])، والذي تستطيعه من العلم والفقه في هذه المسألة قد دلت
على أن هذا القول هو الراجح؛ فعليك أن تتبع، ثم إنْ تبيَّن لك فيما بعدُ أن للنص
معارضًا راجحًا كان حكمك في ذلك حكم المجتهد المستقل إذا تغير اجتهاده.
وانتقال الإِنسَان
من قول إلى قول لأجل ما تبين له من الحق هو محمود فيه بخلاف إصراره على قول لا حجة
معه عليه، وترك القول الذي وَضَحَت حجتُه أو الانتقال عن قوله لمجرد عادة أو اتباع
هوى فهو مذموم.
وإذا كان
الإمام المقلِّد قد سمع الحديث وتركه، لا سيما إذا كان قد رواه أيضًا؛ فمثل هذا
وحده لا يكون عذرًا في ترك النص؛ فقد بينَّا فيما كتبناه في «رَفْع المَلام عن
الأئمة الأعلام» نحو عشرين عذرًا للأئمة في ترك العمل ببعض الحديث، وبينَّا أنهم
يُعذَرون في الترك لتلك الأعذار، فمن ترك الحديث لاعتقاده أنه لم يصح، أو أن راويه
مجهول، ونحو ذلك، ويكون غيره قد علم صحته وثقة راويه؛ فقد زال عذر ذلك في حق
هذا... إلى آخر ما قال رحمه الله في هذا الموضوع المهم.
***
([1])أخرجه: البخاري رقم (7288)، ومسلم رقم (1337).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد