ثم أورد نص
الحديث، وقال: ولهذا وصف الفِرْقة الناجية أنها أهل السُّنة والجماعة - وهم
الجُمْهُور الأكبر والسَّوَاد الأعظم - وأما الفِرَق الباقية فإنهم أهل الشذوذ
والتفرق والبدع والأهواء، ولا تبلغ الفِرْقة من هَؤُلاء قريبًا من مَبْلَغ الفِرقة
الناجية فضلاً عن أن تكون بقَدْرها، بل قد تكون الفِرْقة منها في غاية القِلَّة،
وشعار هذه الفِرَق مفارقة الكتاب والسُّنة والإجماع؛ فمن قال بالكتاب والسُّنة
والإجماع كان من أهل السُّنة والجماعة.
قال: وأما
تعيين هذه الفِرَق فقد صَنَّفَ الناس فيهم مُصَنَّفاتٍ وذكروهم في كُتُب المقالات،
لكن الجزم بأن هذه الفِرْقة الموصوفة هي إحدى الثنتين والسبعين لا بُدَّ له من
دليل؛ فإن الله حرم القول بلا علم عمومًا، وحرم القول عليه بلا علم خصوصًا؛ فقال
تعالى: {قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ
وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ
يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33] ، وقال تعالى: {وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ﴾ [الإسراء: 36] ، وأيضًا فكثير من الناس يخبر عن
هذه الفِرَق بحُكْم الظَّن والهَوَى؛ فيجعل طائفته والمنتسبة إلى مَتْبُوعه
الموالية له هم أهل السُّنة والجماعة، ويجعل من خالفها أهل البدع، وهذا ضلال مبين؛
فإن أهل الحق والسُّنة لا يكون متبوعَهم إلاَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي
لا ينطق عن الهوى، إنْ هو إلاَّ وحيٌ يُوحَى، فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر،
وطاعته في كل أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة، بل كل أحد من الناس يؤخذ من
قوله ويترك إلاَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن جعل شخصًا من الأشخاص غير رسول
الله صلى الله عليه وسلم من أحبَّه ووافقه كان من أهل السُّنة والجماعة ومن خالفه
من أهل البدعة
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد