ولا جَفَوْا
عنهم كما جَفَتِ اليهود؛ فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق ويقتلون الذين يأمرون
بالقسط من الناس، وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقًا وقتلوا
فريقًا، بل المؤمنون آمنوا برسل الله وعزَّروهم ونصروهم ووقَّروهم وأحبوهم
وأطاعوهم، ولم يعبدوهم، ولم يتخذوهم أربابًا، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ
ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن
كُونُواْ رَبَّٰنِيِّۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ
تَدۡرُسُونَ ٧٩ وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن
تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّۧنَ أَرۡبَابًاۗ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ
بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ ٨٠﴾ [آل
عمران: 79- 80] ومن ذلك أن المؤمنين توسطوا في المسيح فلم يقولوا: هو الله
ولا ابن الله ولا ثالث ثلاثة كما تقوله النصارى، ولا كفروا به وقالوا على مريم
بهتانًا عظيمًا حتَّى جعلوه ولد بَغِيَّة كما زعمت اليهود؛ بل قالوا: هو عبدُ الله
ورسوله وكلمتُه ألقاها إلى مريم العذراء البَتُول ورُوحٌ منه.
وكذلك المؤمنون
وَسَط في شرائع دين الله؛ فلم يحرموا على الله أن ينسخ ما شاء ويمحو ما شاء ويثبت
- كما قالته اليهود - ولا جوَّزوا لأكابرَ علمائهم وعبادهم أن يغيروا دين الله
فيأمروا بما شاءوا وينهَوْا عما شاءوا، كما يفعله النصارى، كما ذكر الله عنهم
بقوله: {ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ﴾ [التوبة: 31] .
قال عَدِي بن
حاتم رضي الله عنه : قلت: يا رسول الله، ما عبدوهم! قال: «مَا عَبَدُوهُمْ، وَلَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ فَأَطَاعُوهُمْ
وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلاَلَ فَأَطَاعُوهُمْ» ([1]).
***
([1])أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (218)، وابن بشران في «أماليه» رقم (1282).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد