ومعرفته؛
لجريان ذلك في القُبْح مجرى التواطؤ على نقل الكذب وفِعْل ما لا يَحِلّ، بل بلغ من
مبالغتهم في السكوت عن هذا: أنهم كانوا إذا رَأَوْا من يسأل عن المُتشابِه بالغوا
في كَفِّه، تارة بالقول العنيف، وتارة بالضرب، وتارة بالإعراض الدال على شدة
الكراهة لمسألته.
ولذلك لما بلغ
عمرَ رضي الله عنه أن صَبِيغًا يسأل عن المُتشابِه أعد عراجين النَّخْل، فبينما
عمر يخطب قام فسأل عن: {وَٱلذَّٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا ١ فَٱلۡحَٰمِلَٰتِ وِقۡرٗا ٢﴾ [الذاريات: 1- 2] وما بعدها، فنزل عمر فقال: لو
وجدتُّك محلوقًا لضربتُ الذي فيه عيناك بالسيف، ثم أمر به فضُرب ضربًا شديدًا،
وبعث به إلى البصرة وأمرهم أن لا يجالسوه، فكان بها كالبعير الأجرب! لا يأتي
مجلسًا إلاَّ قالوا: عَزْمَة أمير المؤمنين، فتفرقوا عنه حتَّى تاب وحَلَف بالله
ما بَقِيَ يجد مما كان في نفسه شيئًا، فأذن عمر في مجالسته، فلما خرجت الخوارج
أُتي فقيل له: هذا وقتك! فقال: لا، نفعتْني موعظةُ العبد الصالح.
ولما سُئل
مالكُ بن أنس رحمه الله فقيل له: يا أبا عبد الله {ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] كيف استوى؟ فأَطْرَق مالك وعَلاَه
الرُّحَضَاء - يعني: العَرَق - وانتظر القوم ما يجيء منه فيه، فرفع رأسه إلى
السائل، وقال له: الاستواء غير مجهول، والكَيْف غير معقول، والإِيمَان به واجب،
والسؤال عنه بِدْعَة، وأحسبك رجلَ سَوْء، وأمر به فأخرج.
ومَن أَوَّل
الاستواء بالاستيلاء فقد أجاب بغير ما أجاب به مالك وسلك غير سبيله، وهذا الجواب
من مالك رحمه الله شافٍ كافٍ في جميع الصفات؛ مثل: النزول والمجيء واليد والوجه
وغيرها، فيقال لمن مَثَّل: النزول معلوم، والكَيْف مجهول، والإِيمَان به واجب،
والسؤال
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد