×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

كان قَصْدُه الجدالَ والقِيلَ والقالَ والمكابرةَ لم يَزِدْه التطويل إلاَّ خروجًا عن سواء السبيل، والله المُوَفِّق.

وقد ثبت ما ادَّعيناه من مذهب السَّلَف - رضوان الله عليهم - بما نقلناه جملةً عنهم وتفصيلاً، واعتراف العلماء من أهل النقل كلهم بذلك، ولم أعلم عن أحد منهم خلافًا في هذه المسألة، بل لقد بلغني عمن ذهب إلى التأويل لهذه الآيات والأخبار من أكابرهم الاعترافُ بأن مذهب السَّلَف فيه ما قلناه، ورأيته لبعض شيوخهم في كتابه قال: اختلف أصحابنا في أخبار الصفات، فمنهم من أَمَرَّها كما جاءت من غير تفسير ولا تأويل مع نفي التشبيه عنها، وهو مذهب السَّلَف، فحصل الإجماع على صحة ما ذكرناه بقول المُنازِع، والحمد لله.

أقول: وقوله من غير تفسير، يعني: تفسيرًا يخالف ظاهرَها، وهو التأويل الباطل، وإلا فهم يفسرونها بالمعنى الذي تدل عليه بالوَضْع اللُّغوي.

قال الشيخ: وما أحسنَ ما جاء عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال: عليك بلزوم السُّنة؛ فإنه لك بإذن الله عِصْمَة؛ فإن السُّنة إنما جُعلت ليُستنَّ بها ويُقتصَر عليها، وإنما سَنَّها من قد علم ما في خلافها من الزَّلَل والخطأ والحُمْق والتعمُّق، فارضَ لنفسك بما رضُوا به لأنفسهم؛ فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كَفُّوا، ولَهُم كانوا على كَشْفها أقوى وبتفصيلها لو كان فيها أحرى؛ فإنهم لَهُمُ السابقون، وقد بلغهم عن نبيهم ما يجري من الاختلاف بعد القرون الثلاثة، فلئِن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه! ولئن قلتم: حدث بعدهم؛ فما أحدثه إلاَّ من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، واختار ما نَحَتَه


الشرح