فِكْرُه على ما تَلَّقَوْه عن نبيهم وتلقاه عنهم
ممن تبعهم بإحسان! ولقد وصفوا منه ما يكفي، وتكلموا منه بما يَشْفِي، فمَن دونَهم
مُقصِّر، ومَن فوقهم مُفرِّط، لقد قَصَّر دونهم أناسٌ فجَفَوْا وطَمِع آخرون
فغَلُوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم.
ثم قال الشيخ
رحمه الله : وأما كونُهم أعلمَ ممن بعدهم وأحكَمَ، وأن مُخالِفهم أحقُّ بالجهل
والحَشْو؛ فنبين ذلك بالقياس المعقول فنقول: من المعلوم أن أهل الحديث يشاركون كل
طائفة فيما يتحَلَّون به من صفات الكمال، ويمتازون عنهم بما ليس عندهم؛ فهم أكملُ
الناس عقلاً، وأعدلُهم قياسًا، وأصوبُهم رأيًا، وأَسَدُّهم كلامًا، وأصحُّهم
نَظَرًا، وأهداهُم استدلالاً، وأَحَدُّهم بصرًا ومُكاشَفة، وأصوبُهم سمعًا،
وأتمُّهم فِرَاسة، وأصدقُهم إلهامًا، وأعظمُهم وأحسنُهم ذَوْقًا ووَجْدًا، وهذا هو
للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم، ولأهل السُّنة والحديث بالنسبة إلى سائر
المِلَل، فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدَّ وأسدَّ عقلاً، وأنهم
ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعافَ ما يناله غيرُهم في قرون
وأجيال! وكذلك أهل السُّنة والحديث تجدُهم كذلك متمتعين، وذلك لأن اعتقاد الحق
الثابت يُقوِّي الإدراك ويصححه، قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ
هُدٗى﴾ [محمد: 17] ،
وقال: {وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ
مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ
فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا ٦٦ وَإِذٗا
لَّأٓتَيۡنَٰهُم مِّن لَّدُنَّآ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٦٧ وَلَهَدَيۡنَٰهُمۡ صِرَٰطٗا
مُّسۡتَقِيمٗا ٦٨﴾ [النساء: 66- 68]
.
وهذا يُعلم تارةً بموارد النزاع بينهم وبين غيرهم؛ فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلاَّ وقد تبين أن الحق معهم، وتارة بإقرار مخالفيهم
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد