ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم، أو
بشهادتهم على مخالفيهم بالضلال والجهل، وتارة بشهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله
في الأرض، وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى، فأما شهادة
المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض فهذا أمر ظاهر معلوم بالحِسّ والتواتُر لكل
من سمع كلام المسلمين، لا تجد أحدًا عُظِّم في الأمة تعظيمًا أعظمَ مما عُظِّمُوا
به، ولا تجد غيرَهم يُعَظَّم إلاَّ بقَدْر ما وافقهم فيه، كما لا يَنْقُص إلاَّ
بقَدْر ما خالفهم! حتَّى إنك تجد المخالفين لهم كلهم يُقِرُّ بذلك، كما قال الإمام
أحمد: آيةُ ما بيننا وبينهم يومُ الجنائز؛ فإنه في الحياة يعظم الرجل طائفته، فأما
وقت الموت فلا بُدَّ من الاعتراف بالحق من عموم الخلق.
ولهذا لم يُعرف
في الإسلام مثلُ جنازته - يعني: الإمام أحمد رحمه الله - مَسَح المُتَوَكِّل موضع
الصلاة عليه فوجد ألف ألف وستمائة ألف، سوى من صلى في الحانات والبيوت، وأسلم
يومئذ من اليهود والنصارى عشرون ألفًا، وهو إنما نَبُل عند الأمة باتباع الحديث
والسُّنة، وكذلك الشافعي وإسحاق وغيرهما إنما نَبُلُوا في الإسلام باتباع أهل
الحديث والسُّنة، وكذلك البخاري وأمثاله إنما نَبُلُوا بذلك، وكذلك مالك والأوزاعي
والثوري وأبو حنيفة وغيرهم إنما نَبُلُوا في عموم الأُمة وقُبِل قولُهم لِمَا
وافقوا فيه الحديث والسُّنة، وما تُكُلِّم فيمن تُكُلِّم فيه منهم إلاَّ بسبب
المواضع التي لم يتفق له متابعتُها من الحديث والسُّنة، إما لعدم بلاغها إياه أو
لاعتقاده ضعف دلالتها أو رُجْحَان غيرها عليها.
***
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد