المقبولين فيها
من جميع طوائف الفقهاء وأهل الحديث والصوفية؛ إلاَّ بما يقولون: إنهم خالفوا فيه
السُّنة والحديث؛ لخفائه عليهم أو إعراضهم عنه أو لاقتضاء أصل قياس مَهَّدُوه
رَدَّ ذلك، فإن مخالفة المسلم الصحيح الإِيمَان النَّصَّ إنما يكون لعدم علمه به
أو لاعتقاده صحة ما عارضه، لكن هو فيما ظهر من السُّنة وعَظُم أمرُه يقع بتفريط من
المخالف وعدوان؛ فيستحق من الذم ما لا يستحقه في النَّص الخَفِيّ، وكذلك فيما
يُوقع الفُرْقة والاختلاف؛ يَعْظُم فيه أمرُ مخالفة السُّنة..، إلى أن قال الشيخ:
ولهذا تجد أعظمهم موافقة لأئمة السُّنة والحديث أعظم عند جميعهم فمن هو دونه؛
فالأشعري نفسه لما كان أقرب إلى قول الإمام أحمد ومن قبله من أئمة السنة كان عندهم
أعظم من أتباعه، والقاضي أبو بكر بن الباقِلاَّنِيّ لما كان أقربهم إلى ذلك كان
أعظم عندهم من غيره، وأما مثل الأستاذ أبي المعالي وأبي حامد ونحوهما ممن خالفوا
أصولهم فلا تجدهم يُعَظَّمون إلاَّ بما وافقوا فيه السُّنة والحديث، وأكثر ذلك
تَقَلَّدُوه من مذهب الشافعي في الفقه.
وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقوه - كأبي الوليد الباجي والقاضي أبي بكر بن العربي ونحوهما - لا يُعَظَّمُون إلاَّ بموافقة السُّنة والحديث، وكذلك أبو محمد بن حَزْم فيما صنفه من المِلَل والنِّحَل إنما يُسْتَحمد بموافقة السُّنة والحديث، مثل ما ذكر في مسائل القَدَر والإرجاء ونحو ذلك، بخلاف ما انفرد به من قوله في التفضيل بين الصحابة، وكذلك ما ذكره في باب الصفات فإنه يُستحمد فيه بموافقة أهل السُّنة والحديث، ويقول: إنه موافق للإمام أحمد في مسألة القرآن وغيرها، ولا ريب أنه موافق له ولهم في بعض ذلك، لكن
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد