الأشعري ونحوه أعظم موافقة للإمام أحمد بن حنبل
ومن قبله من الأئمة في القرآن والصفات، وإن كان أبو محمد بن حَزْم في مسائل
الإِيمَان والقَدَر أَقْوَمَ من غيره وأعلمَ بالحديث وأكثرَ تعظيمًا له ولأهله من
غيره، لكن قد خالط من أقوال الفلاسفة والمُعْتَزِلَة في مسائل الصفات ما صَرَفَه
عن موافقة أهل الحديث في معاني مذهبهم في ذلك؛ فوافق هَؤُلاء في اللفظ وهَؤُلاء في
المعنى.
وبمثل هذا صار
يذمُّه من يذمُّه من الفقهاء والمتكلمين وعلماء الحديث باتباعه لظاهرٍ لا باطنَ
له، كما نفى المعاني في الأمر والنهي والاشتقاق، وكما نفى خَرْق العادات ونحوه من
عبادات القلوب، مضمومًا إلى ما في كلامه من الوقيعة في الأكابر والإسراف في نفي
المعاني ودعوى متابعة الظواهر، وإن كان له من الإِيمَان والدين والعلوم الواسعة
الكثيرة ما لا يَدْفَعه إلاَّ مكابرٌ، ويُوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال
والمعرفة بالأحوال والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانب الرسالة ما لا يجتمع مثله
لغيره؛ فالمسألة التي يكون فيها حديث يكون جانبه فيها ظاهر الترجيح، وله من
التمييز بين الصحيح والضعيف والمعرفة بأقوال السَّلَف ما لا يكاد يقع مثله لغيره
من الفقهاء.
ثم بيَّن الشيخ رحمه الله تعظيم الأُمة للسُّنة والحديث فقال: وتعظيم أئمة الأُمة وعوامِّها للسُّنة والحديث وأهلِه في الأصول والفروع من الأقوال والأعمال أكثرُ من أن يُذكر هنا، وتجدُ الإسلام والإِيمَان كلما ظهر وقَوِيَ كانت السُّنة وأهلُها أظهر وأقوى، وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك، مثل: دولة المهدي والرشيد - ونحوهما - مما كان يُعظِّم الإسلام والإِيمَان ويغزو أعداءه من الكفار
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد