والمنافقين، كان أهل السُّنة في تلك الأيام أقوى
وأكثر وأهل البدع أقل وأقل؛ فإن المهدي قتل من المنافقين والزنادقة من لا يُحصي
عددَه إلاَّ اللهُ! والرشيد كان كثير الغزو والحج، وذلك أنه لما انتشرت الدولة
العباسية وكان في أنصارها من أهل المشرق والأعاجم طوائفُ من الذين نَعَتَهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «الْفِتْنَةِ
هَاهُنَا» ([1])؛ ظهر حينئذ الكثير من البدع، وعُرِّبت أيضًا إذ ذاك
طائفةٌ من كتب الأعاجم من المَجُوس والفُرْس والصابئين الروم والمشركين الهنود.
وفي دولة أبي
العباس المأمون ظهر الخُرَّمِيَّة ونحوُهم من المنافقين وعربٌ كثير من كتب الأوائل
المجلوبة من بلاد الروم ما انتشر بسببه مقالات الصابئين، وراسل ملوك المشركين من
الهند - ونحوهم - حتَّى صار بينه وبينهم مودة.
فلما ظهر ما
ظهر من الكفر والنفاق في المسلمين، وقَوِيَ ما قَوِيَ من حال المشركين وأهل
الكتاب، وكان من أثر ذلك ما ظهر من استيلاء الجَهْمَيَّة والرافضة وغيرهم من أهل
الضلال وتقريب الصابئة ونحوهم من المتفلسفة، وذلك بنوعِ رأيٍ يحسبه صاحبه عقلاً
وعدلاً! وإنما هو جهل وظلم؛ إذ التسوية بين المؤمن والمنافق والمسلم والكافر أعظم
الظلم، وطلب الهُدَى عند أهل الضلال أعظم الجهل؛ فتولَّد من ذلك فِتْنَةُ
الجَهْمِيَّة حتَّى امتُحنت الأُمة بنفي الصفات والتكذيب لكلام الله ورؤيته، وجرى
من محنة الإمام أحمد وغيره ما جرى مما يطول وصفه.
***
([1])أخرجه: البخاري رقم (3279)، ومسلم رقم (2905).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد