معناه، لكن هم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين
بالنسبة إلى بقية المِلَل، لكن كل شر يكون في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر، وكل
خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعلى وأعظم، وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم.
وبيان ذلك أن
ما ذكر من فضول الكلام الذي يفيد مع اعتقاد أنه طريق إلى التصور والتصديق هو في
أهل الكلام والمَنْطِق أضعاف أضعاف أضعاف ما هو في أهل الحديث؛ فبإزاء احتجاج
أولئك بالحديث الضعيف احتجاج هَؤُلاء بالحدود والأقيسة الكثيرة العقيمة التي لا
تفيد معرفة، بل تفيد جهلاً وضلالاً! وبإزاء تكلُّم أولئك بأحاديثَ لا يفهمون
معناها تكلَّف هَؤُلاء من القول بغير علم ما هو أعظم من ذلك وأكثر! وما أحسن قول
الإمام أحمد: ضعيف الحديث خير من رأي فلان.
ثم لأهل الحديث
من المَزِيَّة أن ما يقولونه من الكلام الذي لا يفهمه بعضهم هو كلامٌ مِنْ نفسه
حَقٌّ، وقد آمنوا بذلك، أما المُتكلِّمة فيتكلفون من القول ما لا يفهمونه ولا يعلمون
أنه الحق! وأهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في نقض أصل عظيم من أصول الشريعة، بل
إما في تأييده وإما في فرع من الفروع، وأولئك يحتجون بالحدود والمقاييس الفاسدة في
نقض الأصول الحقة الثابتة.
إذا عُرف هذا
فقد قال الله سبحانه وتعالى عن أتباع الأئمة من أهل المِلَل المخالفين للرسل: {فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم
مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ﴾ [غافر: 83] ،
وقال تعالى: {يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ
أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠﴾ [الأحزاب: 66] إلى قوله: {وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا﴾ [الأحزاب:
68] .
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد