قالَ الشيخُ
رحمه الله : «وذَلِكَ أَنَّ لفظَ التَّأويلِ قد صارَ بِسَببِ تَعَدُّدِ
الاصْطِلاَحَاتِ لَهُ ثَلاَُث مَعَانٍ:
أحدُها: أَنْ يُرادَ بالتأويلِ حقيقةُ ما يَؤُولُ إليهِ
الْكَلامُ، وإِنْ وَافقَ ظَاهِرَهُ، وهذا المَعْنَى الَّذِي يُرادُ بِلفظِ
التأويلِ فِي الكِتَابِ والسُّنَّةِ كَقولِه تَعَالَى: {هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأۡوِيلَهُۥۚ
يَوۡمَ يَأۡتِي تَأۡوِيلُهُۥ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَآءَتۡ
رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ﴾ [الأعراف: 53] ،
وَمِنهُ قولُ عائشةَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أن يَقُولُ
في رُكوعِهِ وسُجُودِه: «سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ رَبُّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»؛ يِتَأَوَّلُ
القُرآنَ ([1]).
والثاني: يُرادُ بلفظِ التَّأويلِ، التَّفْسِيرُ، وهُو اصْطِلاَحُ
كثيرٍ مِن المُفَسِّرينَ، وَلِهَذَا قَالَ مُجاهِدٌ إمامُ المُفَسِّرينَ: إِنَّ الرَّاسِخينَ
فِي العِلْمِ يَعْلَمُونَ تأويلَ المُتَشَابِه، فإنْ أرَادَ بِذلكَ تفسيرَه وبيانَ
معانِيهِ وهذا مِمَّا يَعلمُه الرَّاسِخُونَ في العِلمِ.
والثالثُ: أَنْ يُرادَ بالتأوِيلِ صَرفُ اللَّفظِ عن ظَاهِرِهِ
الَّذي يَدُلُّ عليهِ إِلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِدليلٍ مُنْفَصِلٍ يُوجِبُ ذلك،
وَهَذا التأويلُ لا يَكُونُ إلاَّ مُخالِفًا لِمَا يَدُلُّ عَليهِ اللَّفظُ
ويُبَيِّنُهُ، وتَسميةُ هذا تَأوِيلاً لَمْ يَكُنْ فِي عُرفِ السَّلفِ.
وإنما سَمَّى هذا وَحْدَهُ تَأويلاً طَائفةٌ مِنَ المُتَأَخِّرينَ الخَائِضينَ في الفِقْهِ وأُصولِ الكَلاَمِ، وظنَّ هؤلاءِ أَنَّ قولَه تعالى: {وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ﴾ [آل عمران: 7] ، يُرادُ بِه هذا المَعْنَى، ثُمَّ صَارُوا فِي هذَا التأويلِ علَى طَرِيقينِ، قَومٌ يَقُولونَ: إنَّه لا يَعْلَمُهُ إلاَّ اللهُ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (817)، ومسلم رقم (484).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد