ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ﴾ [فاطر: 10] ، وأَقْرَأُ فِي النفيِ: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ [الشورى:
11] ، {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا﴾ [طه:
110] ، {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾ [مريم:
65] ، ثم قال: مَنْ جَرَّبَ مثلَ تَجْربَتِي عَرَفَ مِثلَ مَعْرِفَتِي،
وكَانَ يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا:
والحِكاياتُ في هذه كثيرةٌ ومعروفةٌ.
نِهَايَةُ
إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ |
|
وَأَكْثَرُ
سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلاَلُ |
وَأَرْوَاحُنَا
فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا |
|
وَحَاصِلُ
دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ |
وَلَمْ
نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا |
|
سِوَى
أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا |
وهذا إمامُ الحَرَمينِ تركَ ما كانَ يَنْتَحِلُه ويُقَرِّرُهُ
واختَارَ مَذهَبَ السَّلَفِ، وكَانَ يَقُولُ: يا أصحابَنَا لا تَشْتَغِلُوا
بِالكَلامِ فَلو أَنِّي عَرَفْتُ أنَّ الْكَلامَ يَبْلُغُ بِي إلَى مَا بَلَغَ مَا
اشْتَغلتُ به، وقالَ عندَ موتِه: لقد خُضتُ البَحْرَ الخِضَمَّ وخَليتُ أهلَ
الإِسلاَمِ وعُلُومَهُم ودخلتُ فيما نَهَونِي عنه، والآنَ إِنْ لَم يَتَدَارَكْنِي
رَبِّي بِرَحْمَتِهِ فَالويلُ لابنِ الجُوينِيِّ، وهَا أنَا أموتُ على عَقِيدةِ أُمِّي،
أو قَالَ: عَقِيدةُ عَجائزِ نِيسابُورَ، وكذلِكَ قال أَبُو عَبدِ اللهِ مُحمدُ بنُ
عبدِ الكريمِ الشَّهرِسْتَانِيِّ أخبرَ أنه لَم يَجِدْ عِنْدَ المُتَكَلِّمينَ
والفَلاسفةِ إلاَّ الْحَيْرَةَ والنَّدَمَ وكانَ يُنْشِدُ:
لَعَمْرِي
لَقَدْ طُفْتُ الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا |
|
وَسَيَّرتُ
طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْعَوَالِمِ |
فَلَمْ
َأَر إلاَّ وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ |
|
عَلَى
ذَقْنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ |
انتهى المقصودُ.
وأقولُ: إنَّ هذه الشَّهَادَاتِ مِن جَهَابِذَةِ عُلماءِ
الكَلاَمِ بصحَّةِ مذهَبِ السَّلَفِ الَّذي هُو الاعْتِمَادُ عَلَى أَدِلَّةِ
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وتركِ مناهِجِ الجَدَلِ والمَنْطِقِ.
***
الصفحة 5 / 471