×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ [فاطر: 10] ، وأَقْرَأُ فِي النفيِ: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ [الشورى: 11] ، {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا [طه: 110] ، {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا [مريم: 65] ، ثم قال: مَنْ جَرَّبَ مثلَ تَجْربَتِي عَرَفَ مِثلَ مَعْرِفَتِي، وكَانَ يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا:

والحِكاياتُ في هذه كثيرةٌ ومعروفةٌ.

نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ

 

وَأَكْثَرُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلاَلُ

وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا

 

وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ

وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا

 

سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا

وهذا إمامُ الحَرَمينِ تركَ ما كانَ يَنْتَحِلُه ويُقَرِّرُهُ واختَارَ مَذهَبَ السَّلَفِ، وكَانَ يَقُولُ: يا أصحابَنَا لا تَشْتَغِلُوا بِالكَلامِ فَلو أَنِّي عَرَفْتُ أنَّ الْكَلامَ يَبْلُغُ بِي إلَى مَا بَلَغَ مَا اشْتَغلتُ به، وقالَ عندَ موتِه: لقد خُضتُ البَحْرَ الخِضَمَّ وخَليتُ أهلَ الإِسلاَمِ وعُلُومَهُم ودخلتُ فيما نَهَونِي عنه، والآنَ إِنْ لَم يَتَدَارَكْنِي رَبِّي بِرَحْمَتِهِ فَالويلُ لابنِ الجُوينِيِّ، وهَا أنَا أموتُ على عَقِيدةِ أُمِّي، أو قَالَ: عَقِيدةُ عَجائزِ نِيسابُورَ، وكذلِكَ قال أَبُو عَبدِ اللهِ مُحمدُ بنُ عبدِ الكريمِ الشَّهرِسْتَانِيِّ أخبرَ أنه لَم يَجِدْ عِنْدَ المُتَكَلِّمينَ والفَلاسفةِ إلاَّ الْحَيْرَةَ والنَّدَمَ وكانَ يُنْشِدُ:

لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْتُ الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا

 

وَسَيَّرتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْعَوَالِمِ

فَلَمْ َأَر إلاَّ وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ

 

عَلَى ذَقْنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ

انتهى المقصودُ.

وأقولُ: إنَّ هذه الشَّهَادَاتِ مِن جَهَابِذَةِ عُلماءِ الكَلاَمِ بصحَّةِ مذهَبِ السَّلَفِ الَّذي هُو الاعْتِمَادُ عَلَى أَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وتركِ مناهِجِ الجَدَلِ والمَنْطِقِ.

***


الشرح