أجلِّ الأُمورِ التي يَجِبُ التوَاصِي بِكتمانِهَا، والإيمانُ
بما لا يَعلمُ حقيقتَهُ مِن ذَلِكَ، وجميعُها كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ وإفكٌ مُفْترًى.
وهُؤلاءِ خَرَج أوَّلُهم فِي زَمَنِ أَميرِ المُؤمنينَ عَليِّ بْنِ أَبِي طَالبٍ رضي الله عنه وَصَارُوا يَدَّعُون أنه خُصَّ بِأسْرَارٍ مِن العُلومِ والوَصِيَّةِ حتَّى كانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ خَواصُّ أصحَابِه فيُخبرُهم بانتِفَاءِ ذلك، ولمَّا بلَغَه أنَّ ذلك قدْ قِيلَ كانَ يَخْطُبُ الناسَ ويَنفِي ذلكَ عَن نفسِه، وقد خَرَّجَ أصحابُ الصَّحيحِ كَلاََم عليٍّ هَذَا مِن غَيرِ وَجْهٍ، مثلُ ما فِي الصحيحِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قالَ سألتُ عَلِيًا: هَلْ عِنْدَكُم شيءٌ لَيسَ فِي القُرآنِ؟ فَقَالَ: لا والَّذِي خَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسْمَةَ! ما عندَنا إلاَّ مَا فِي القُرآنِ، إلاَّ فَهمًا يُعطِيهِ اللهُ الرجُلَ فِي كِتابِهِ، ومَا فِي هذهِ الصَّحِيفةِ، قُلتُ: وما فِي الصَّحيفةِ؟ قال: العقلُ وفَكَاكُ الأَْسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسلمٌ بكافِرٍ ([1])، وَلَفظُ البُخَارِيِّ: «هلْ عِندكُم شَيءٌ مِن الوَحْيِ غيرَ مَا في كِتابِ اللهِ؟ قَالَ: لا والَّذِي خَلَقَ الحَبَّةَ وبَرأَ النَّسمةَ ما أَعلَمُهُ، إلاَّ فَهمًا يُعطِيهِ اللهُ رَجُلاً فِي القُرآنِ» ([2])، وفِي «الصحيحينِ» عَنْ إبراهيمَ التيميِّ عَنْ أَبيهِ - وهَذَا مِن أَصَحِّ إسنادٍ على وجْهِ الأَْرْضِ - عَنْ عَلِيٍّ «قَالَ: ما عندنا شيء نقرؤه إلاَّ كتاب الله وهذه الصحيفة: عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم المدينةُ حرامٌ ما بَينَ عَيْرٍ إِلَى ثَورٍ» ([3])، وفِي رِوايةٍ لمُسلمٍ: «خَطَبنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فقَالَ: مَن زَعَم أنَّ عندَنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ إلاَّ كِتابَ اللهِ وما في هذهِ الصحيفَةِ - قال:
([1])أخرجه: البخاري رقم (3047).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد