وَقَوْلُ عبدِ
اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «مَا مِنْ رَجُلٍ
يُحَدِّثُ قَومًا بِحَديثٍ لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ
فِتْنَةً» ([1]).
وقولُ عبدِ
اللهِ بنِ عبَّاسٍ فِي تفسيرِ الآيَاتِ: مَا يُؤَمِّنُكَ أنِّي لَو أخبرتُكَ
بِتفسيرِها كَفَرْتَ وكَفَّرَكَ بها تَكْذِيبُكَ بِها، وهذهِ الآثارُ حقٌّ لكنْ
يَنزلُ كلٌّ منهم ذاكَ الذي لَم يَحْدُثْ على مَا يَدَّعِيهِ هُو مِنَ الأَسرارِ
والحَقَائقِ الَّتِي إِذَا كُشِفَتْ وَجَدْتَ مِنَ البَاطِلِ والكُفرِ والنِّفاقِ،
حتَّى إنَّ أبا حَامدٍ الغَزَاليَّ في «منهاج القاصِدينَ» تَمَثَّلَ بِمَا يُروَى
عن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ أنَّهُ قَالَ:
يَا
رُبَّ جَوْهَرِ عِلْمٍ لَوْ أَبُوحُ بِهِ |
|
لَقِيلَ
لِي أَنْتَ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْوَثَنَا |
وَلاَسْتَحَلَّ
رَجِالٌ مُسْلِمُونَ دَمِي |
|
يَرَوْنَ
أَقْبَحَ مَا يَأْتُونَهُ حَسَنًا |
فَإِذَا
كَانَتْ هَذِهِ طُرُقُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ مِنَ التَّحْقِيقِ
وَعُلُومِ الأَْسْرَارِ مَا خَرَجُوا بِهِ عَنِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ،
وَزَعَمُوا أَنَّ تِلْكَ الْعُلُومَ الدِّينِيَّةَ أَوِ الْكَوْنِيَّةَ مُخْتَصَّةٌ
بِهِمْ فَآمَنُوا بِمُجْمَلِهَا وَمُتَشَابِهها، وأنهم مُنِحُوا مِن حَقائقِ
العِباداتِ وخالِصِ الدِّيانَاتِ ما لم يُمْنحِ الصدرُ الأوَّلُ حفاظُ الإسلامِ
وبُدورِ المِلَّةِ، ولَم يَتَجَرَّؤُوا عليهَا بِرَدٍّ وتَكذيبٍ معَ ظُهورِ
الباطِلِ فِيها تارةً وخَفَائِه أُخرَى، فمِن المَعلُومِ أنَّ العَقَلَ والدينَ
يَقْتَضِيَانِ أَنَّ جَانِبَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسالةِ أحقُّ بكلِّ تَحقيقٍ
وعِلمٍ ومعرِفةٍ وإحاطَةٍ بِأَسْرَارِ الأُمورِ وبَواطِنِها، هذا لا يُنَازِعُ
فيهِ مُؤمنٌ، ونَحنُ الآنَ فِي مُخاطَبَةِ مَن فِي قلبِهِ إيمَانٌ.
وَإِذَا كَانَ الأمرُ كذلِكَ فأَعْلَمُ النَّاسِ بذلكَ أَخَصُّهم بِالرَّسُولِ وأعلَمُهُم بأقوالِهِ وأفعَالِهِ، وحَرَكَاتِه وسكنَاتِهِ ومَدْخَلِهِ ومَخْرَجِهِ وباطِنِه وظاهِرِهِ،
([1])أخرجه: مسلم في مقدمة صحيحه (1/11).
الصفحة 4 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد