أَحْلِفُ لَهُم أَنَّ هَذَا
كَذِبٌ مُفترًى، وأنَّه لا يَجْرِي مِن هَذِه الأُمُورِ شَيءٌ وَطَلَبْتُ
مُبَاهَلَةَ بَعْضِهِم؛ لأَِنَّ ذَلِكَ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِأُصُولِ الدِّينِ؛
فَإنَّ شَيْخَهُم الَّذِي هُوَ عَارِفُ وَقْتِهِ وَزَاهِدِه عِندَهُم كَانُوا
يَزْعُمُونَ أنَّهُ هو المَسِيحُ الذي يَنْزِلُ، وأنَّ مَعْنى ذَلِكَ نُزولُ
رُوحَانيةِ المَسِيحِ عِيسى عليه السلام وَأَنَّ أُمَّهُ اسمُها مَريَمُ، وأنَّهُ
يَقُومُ بِجَمْعِ المِلَلِ الثَّلاثِ وأنَّهُ يُظْهِرُ مَظْهِرًا أَكْمَلَ مِنْ
مَظْهَرِ محمدٍ وغيرِهِ مِنَ المُرسَلِينَ.
ثمَّ إِنَّ مِن
عَجِيبِ الأَْمرِ أَنَّ هَؤُلاءِ المُتَكَلِّمِينَ الْمُدَّعِينَ لِحَقَائِقِ
الأُمُورِ العِلْمِيَّةِ والدينيَّةِ، المُخالِفِينَ للسُّنَّةِ والجَمَاعَةِ،
يَحْتَجُّ كلُّ منهُم بِما يَقَعُ له مِن حديثٍ مَوضُوعٍ أو مُجْمَلٍ لا يَفْهَم
مَعناه، وكُلَّمَا وَجَد أَثرًا فيه إِجْمالٌ نزَّلَه عَلَى رأيِه؛ فَيَحْتَجُ
بعضُهم بالمَكذوبِ، مِثلُ المكذوبِ المنسُوبِ إِلَى عُمَرَ: كُنْتُ
كَالزِّنْجِيِّ، ومِثلِ ما يَرْوُونَهُ مِن سرِّ المِعراجِ، ومَا يَروُونَهُ مِن
أهلِ الصُّفَّةِ سَمِعُوا المُنَاجَاةَ مِنْ حَيثُ لاَ يَشْعُرُ الرَّسُولُ،
فلمَّا نَزَلَ الرَّسُولُ أخبَرُوهُ، فَقَالَ: مِنْ أَينَ سَمِعتُم؟! فَقَالُوا:
كُنَّا نَسْمَعُ الخِطَابَ.
قَالَ
الشًّيخُ: حتَّى إِنِّي لمَّا بَيَّنْتُ لِطَائِفَةٍ تَمَشْيَخُوا وصَارُوا
قُدْوةً للنَّاسِ أنَّ هذا كَذِبٌ ما خلَقَهُ اللهُ قطُّ، قلتُ: ويُبَيِّنُ ذَلِكَ
لكَ أنَّ المِعراجَ كانَ بِمَكَّةَ بنصِّ القُرآنِ وبإِجماعِ المُسلمينَ،
والصُّفَّةُ إنَّما كَانَتْ بِالمَدِينَةِ، فمِن أينَ كَانَ بمَكَّةَ أهلُ
صُفَّةٍ؟
وأمَّا المُجمَلاتُ: فَمِثلُ احْتِجَاجِهم بِنَهْيِ بعضِ الصَّحَابَةِ عَنْ ذِكْرِ بَعْضٍ خَفِيِّ الْعِلْمِ؛ كَقَولِ عليٍّ رضي الله عنه «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟» ([1])؟!
([1])أخرجه: البخاري رقم (157).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد