وأعلَمُهُم بأصحابِه وسِيرتِه وأيَّامِهِ،
وأعْظَمِهِم بَحثًا عن ذَلكَ وعنْ نُقلَتِه، وأعظمُهم تَديُّنًا بِه واتِّباعًا له
واقتِدَاءً به، وهؤلاء هُم أهلُ السنَّةِ والحديثِ؛ حِفظًا له ومَعْرفَةً
بصحِيحِهِ وسقَيمِه وفِقْهًا فيه وفَهمًا يُؤتِيهِ اللهُ إيَّاهُ فِي مَعَانِيهِ،
وَإيمَانًا وتَصْدِيقًا، وطَاعةً وانْقِيادًا وَاقْتِدَاءً واتِّباعًا، معَ ما
يَقْتَرِنُ بِذَلكَ مِن قُوَّةِ عقلِهِم وقَيَاسِهِم وتمييُّزِهِم، وعَظيمِ
مُكَاشَفَاتِهم ومُخَاطَبَاتِهِم، فإنَّهم أشدُّ الناسِ نَظَرًا وَقِياسًا ورَأيًا
وأصْدَقُ النَّاسِ رُؤيًا وكَشْفًا.
أَفَلاَ
يَعْلَمُ مَن له أَدنَى عقلٍ ودِينٍ أَنَّ هَؤلاءِ أَحَقُّ بالصدقِ والعِلمِ
وَالإيمَانِ والتَّحقيقِ مِمَّنْ يُخَالِفُهم؟ وأَنَّ عِندَهم مِن العُلُومِ مَا
يُنكِرُوها الجاهلُ والمبتَدِعُ وأنَّ الذي عندَهم هُو الحقُّ المُبينُ، وأنَّ
الجَاهِل بأمرِهِم والمُخَالِفُ لهم هُو الذي معَه مِن الحَشوِ ما معَه.
وهذَا بَابٌ
يَطُولُ شَرحُه؛ فإنَّ النفُوسَ لهَا مِن الأَقْوَالِ والأَفْعَالِ مَا لا
يَحْصُرُه إلاَّ ذُو الجَلالِ، والأَقْوَالِ إِخْبَاراتٌ وإِنْشَاءَاتٌ كالأَمْرِ
والنَّهْيِ، فَأحسنُ الحَدِيثِ وأصدقُه كتابُ اللهِ وخبَرُهُ أصدقُ الخبرِ،
وبيَانُهُ أَوضحُ البيانِ وأمرُهُ أحكَمُ الأمرِ {فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَ ٱللَّهِ
وَءَايَٰتِهِۦ يُؤۡمِنُونَ﴾ [الجاثية: 6] ،
وكلُّ مَنِ اتَّبَعَ كَلامًا أو حَدِيثًا مِمَّا يُقَالُ إنه يُلْهمهُ صاحبُه
ويُوحِي إليه، أو أنه يُنشِئُه ويُحَدِّثُه مِمَّا يُعَارَضُ به القُرآنُ، فهُو
مِن أعظمِ الظَّالِمينَ ظُلمًا.
***
تَشنيعُ
أهلِ الضَّلالِ عَلَى أهلِ السُّنَّةِ
يُواصِلُ الشَّيخُ تقِيُّ الدينِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله بَيانَ طَريقةِ الضَّالِيَّنَ الذينَ يُلَقِّبُونَ أهلَ الحقِّ بِالحَشْوِيَّةِ، وأنَّهُم أَوْلَى النَّاسِ بهذا اللَّقَبِ المَذمُومِ،
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد