فَيقُولُ رحمه الله : ولهِذَا لمَّا ذَكَر اللهُ سُبحَانَهُ قولَ الذينَ مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، حيثُ أنْكَروا الإنْزَالَ على البَشَرِ ذَكَرَ المُتَشَبِّهينَ به - أي بِالنَّبِيِّ - المُدَّعِينَ لمُمَاثلتِهِ مِن الأقَسْامِ الثَّلاثةِ، فَإنَّ المُماثِلَ لَه: إمَّا أن يَقُولَ: إِنَّ اللهَ أَوْحَى إليَّ، أو يَقولَ: أُوحِيَ إليَّ وألْقِيَ إِليَّ وقيلَ لِي، ولا يُسَمِّي القائلَ، أو يُضِيفُ ذلكَ إلى نفسِه ويَذْكُرُ أنه هُو المُنْشِئُ له، ووجهُ الحَصْرِ: إمَّا أنْ يذكر الفاعل أو يحذفه، وإذا ذكره فإما أن يجعله من قول الله أو من قول نفسه؛ فإنه إذا جعله من كلام الشياطين لم يقبل منه، وما جعله في كلام الملائكة فهو داخل فيما يضيفه إلى الله وفيما حذف فاعله، فقال الله تعالى: {وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمۡ يُوحَ إِلَيۡهِ شَيۡءٞ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ﴾ [الأنعام: 93] ، وتدَبَّرْ كيفَ جعَلَ الأوَّلِينَ فِي حيِّزِ الذي جَعلَهُ وَحْيًا مِن اللهِ وَلمْ يُسَمِّ المُوحَى، فإنَّهُما جنسٌ واحِدٌ في ادِّعاءِ جِنسِ الإنباءِ، وجعلَ الآخَرَ في حيِّزِ الذي ادَّعى أَنْ يَأتِيَ بمثلِهِ، ولِهَذَا قال: {مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأنعام: 21] ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ﴾ [الأنعام: 93] ، فالمُفَتِري للكَذِبِ والقَائِلُ: أُوحِيَ إليَّ وَلَم يُوحَ إليهِ شَيءٌ؛ مِن جُملةِ الاسمِ الأَوَّلِ، وقَد قَرَنَ بهِ الاسمَ الآخَرَ، فهَؤُلاءِ الثلاثةُ المُدَّعُونَ لِشَبهِ النبوَّةِ وقد تَقَدَّم قَبْلَهُم المُكَذِّبُ للنبوَّةِ؛ فهذا يَعُمُّ جَمِيعَ أُصُولِ الكُفرِ الَّتِي هِي تَكْذِيبُ الرُّسُلِ أو مُضَاهَاتِهِم كَمُسَيلِمَةَ الكذَّابِ وأمثَالِهِ، وهذِه هِي أُصولُ البِدَعِ الَّتِي نَرُدُّهَا نَحنُ فِي هذا المَقَامِ؛ لأنَّ المُخالِفَ للسنَّةِ يَردُّ بعضَ ما جَاءَ به الرسُولُ صلى الله عليه وسلم أو يُعَارِضُ قولَ الرسولِ بِمَا يَجْعَلُهُ نَظِيرًا له مِن رَأيٍ أو كَشْفٍ أو نَحوِ ذَلكَ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد