الأَْجْسَامِ، وكَذلكَ استِخَارَتُه بِعلْمِه
وَاسْتِقْدَارِهِ بِقُدْرَتِه، ثُم قال: «وَأَسْأَلُكَ
مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ» ([1])، فهذا السُّؤالُ مِن جُودِه ومِنه وعطَائِه وإحْسَانِه
الذي يَكُونُ بِمَشِيئَتِهِ ورَحْمَتِه وحَنَانِه، ولِهَذا قَالَ: «فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ،
وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ» ([2])، فإذا كانَ الرَّسُولُ أَعْلَمَ الخَلْقِ بالحَقَائِقِ
الخَبَرِيَّةِ والطَّلَبِيَّةِ وأحبَّ الخَلقِ للتَّعلِيمِ والهِدَايةِ
والإفَادَةِ، وأَقْدَرَ الخَلْقِ عَلَى البَيَانِ والعِبَارةِ امْتَنَع أَنْ
يَكُونَ مَن هُو دُونَه أفادَ خَواصَّه معرفةَ الحَقَائِقِ أعظمَ مما أفادَهُ
الرَّسُولُ لِخَواصِّهِ، فامْتَنَع أَنْ يَكُونَ عِنْدَ علماءِ الطَّوَائِفِ مِن
مَعْرِفَةِ الحَقَائقِ ما لَيسَ عِندَ عُلماءِ الحَديثِ؛ فَيَكُونُ الذَّامُّ
لَهُم جَاهِلاً ظَالِمًا فِيهِ شُعْبَةُ نِفَاقٍ إذا كَانَ مُؤمِنًا، انْتَهى
كَلامُ الشيخِ رحمه الله .
وهَذا الَّذِي ذَكَرَهُ مِن تَنَقُّصِ عُلمَاءِ سَلَفِ الأُمَّةِ فِي وَقْتِه هُو نَفْسُ مَا يُردِّدُه اليومَ ويَنْعِقُ بِه مَن يَنْتَسِبُون إلى بَعْضِ الجَمَاعَاتِ المُعَاصِرةِ مِن تَنْقِيصِ قَدرِ عُلماءِ الأُمَّةِ، ووصْفِهم بِالسَّطْحِيَّةِ والجَهْلِ بِهُمومِ الدَّعوةِ وفقهِ الوَاقِعِ والاشْتِغَالِ بِمَسائِلِ الفِقهِ وَيُسَمُّونَهم: عُلماءَ الحَيضِ والنِّفَاسِ، أو عُلماءِ الجُزيْئَاتِ، إلى غَيرِ ذَلكَ مِن الألْقَابِ، الَّتي يَقْصِدُون بها التنفيرَ عَنْ كُلِّ مَنْ لَم يُوَافِقُهُم عَلَى شُذُوذَاتِهِم وشَطَحَاتِهِم وأَفْكَارِهِم الغَرِيبَةِ المُرِيبَةِ، فَمَا أَشْبهَ اللَّيلةَ بِالبَارِحَةِ، ولِكُلِّ قَومٍ وَارِثٌ، ولَكِنَّ الحَقَّ يَبْقَى والبَاطِلَ سَيَزولُ: {فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [الرعد: 17] ، ولكنَّ الذي نَخْشَاهُ أَن يُؤَثِّرَ هَؤُلاءِ الناعِقُونَ فِي شَبابِ المُسلِمينَ فَيَصْرِفُوهم عَن عُلمَائِهم ويُلَقِّنُوهم هذهِ الأفكَارِ الغَريبةِ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (6382).
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد