×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

{لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ [الشورى: 11] ، وقال تعالى: {وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ [الإخلاص: 4] ، وقال: {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا [مريم: 65] .

وفِي هذا الكَلاَمِ أيضًا مِنَ الحَقِّ الإشارةُ إلى الردِّ عَلَى مَنِ انْتَحَلَ مذهَبَ السَّلَفِ معَ الجَهلِ بِمَقَالِهم أوِ المُخالَفَةِ لَهُم بِزَيَادةٍ أو نُقصَانٍ، فتَمثيلُ اللهِ بخَلْقِه والكَذِبُ على السَّلَفِ مِنَ الأُمُورِ المُنْكَرَةِ؛ سَوَاءٌ سُمِّي حَشْوًا أو لَمْ يُسَمِّ.

وهذا يَتَنَاوَلُ كَثيرًا مِن غَاليةِ المُثْبِتَةِ الذينَ يَرْوُونَ أَحَادِيثَ مَوضُوعَةٍ فِي الصِّفَاتِ مثلُ حَدِيثِ: «نُزُولِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَلَى الْجَمَلِ الأَْوْرَقِ حَتَّى يُصَافِحَ الْمُشَاةَ وَيُعَانِقُ الرُّكْبَانَ»، و«تَجَلِّيهِ لِنَبِيِّهِ فِي الأَْرْضِ»، أو «رُؤيَتُهُ على كُرسيٍّ بَينَ السَّماءِ والأَرضِ» إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأحَاديثِ الموضُوعَةِ، فَقَدْ رَأيتُ مِن ذلك أُمُورًا مِن أَعْظَمِ المُنكَرَاتِ والكُفرانِ، وأَحضَرَ لِي غيرُ واحدٍ مِن الناسِ الأَْجْزَاءَ والكُتُبَ ما فيه مِن ذَلِكَ مَا هُو مِن أَعْظَمِ الافْتِرَاءِ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وقَد وَضَعَ لِتلكَ الأحَادِيثِ أَسَانِيدَ، حتَّى إِنَّ مِنهُم مَن عَمِدَ إلى كِتَابٍ صنَّفَه الشيخُ أَبُو الفَرَجِ المَقْدِسِيُّ فِيمَا يُمْتَحَنُ بِه السنيُّ مِنَ البِدعِيِّ فجَعَل ذَلِكَ الكِتابَ مِمَّا أَوحَاهُ إلى نَبِيِّه ليلَةَ المِعْرَاجِ، وأمَرَه أَنْ يَمْتَحِنَ به الناسَ فَمَنْ أَقَرَّ به فَهُو سُنِّيٌ، ومَن لَم يُقرَّ بِه فَهُو بِدْعِيٌّ، وزَادُوا فيه على الشيخِ أَبِي الفَرَجِ أَشياءَ لم يَقُلْهَا هُو ولا عَاقلٌ، والناسُ المَشْهُورونَ قَد يَقُولُ أحدُهُم مِنَ المَسَائِلِ والدَّلائِلِ ما هُو حقٌّ أو فيه شُبهَةُ حقٍّ، فإذا أَخَذَ الجُهَّالُ ذلكَ فَغَيَّرُوهُ وصَار فيه مِنَ الضُّلاَّلِ ما هُو أعظمُ الإفكِ والمُحَالِ، والمقصُودُ أنَّ كَلامَ هذا القائِلَ فيه حقٌّ، وفيهِ مِنَ البَاطِلِ أمورٌ:


الشرح