×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

أنَّهم على مَذْهَبِ السَّلَفِ؟ ولَكِنْ يَنْتَحِلُونَ مَذْهَبَ أهلِ البَيتِ كَذِبًا وافْتِرَاءً، وكذلِكَ الخَوَارِجُ قَد كَفَّرُوا عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وجُمهورَ المُسلِمينَ مِنَ الصَّحَابَةِ والتَّابِعينَ؛ فكَيفَ يَزعُمُونَ أنَّهُم على مَذْهَبِ السَّلَفِ؟

الوَجْهُ الرَّابِعُ: ثم هَذَا الاسِمُ «يَعْنِي الحَشْوَيَّةَ» لَيْسَ له ذِكْرٌ فِي كِتَابِ اللهِ ولا سُنَّةِ رَسُولِهِ ولا كَلاَمِ أحدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ والتَّابِعينَ وَلا مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمينَ، ولا شيخ ٍأو عَالمٍ مَقبولٍ عندَ عُمومِ الأُمَّةِ فَإِذَا لَمْ يَكُن ذَلِكَ لَم يَكُنْ فِي الذَّمِّ بِه لا نَصَّ ولا إجْمَاعَ ولا ما يَصْلُحُ تَقليدُهُ للعَامَّةِ، فَإذَا كانَ الذَّمُّ بِلا مُسْتَنَدٍ للمُجْتَهِدِ ولا للمُقَلِّدِينَ عُمُومًا كان فِي غَايةِ الفَسَادِ والظُّلْمِ؛ فإنَّ الذمَّ والحَمدَ مِنَ الأحكامِ الشرعِيَّةِ لا يَصْلُحُ إلاَّ بالأَسْمَاءِ التي أَنزَلَ اللهُ بها سُلطَانًا، فأمَّا التعلق بأسْمَاءٍ مُبْتَدَعَةٍ فَلا يَجُوزُ؛ بل ذلك مِن بابِ شَرعِ ودِينٍ لم يَأْذَنْ بِه اللهُ.

والمعتزلِةُ تُفَسِّقُ مِن الصَّحَابَةِ والتَّابِعينَ طَوَائِفَ وتَطْعَنُ فِي كَثيرٍ مِنْهُم وفيما رَوَوهُ مِن الأحاديثِ التي تُخَالِفُ آراءَهُم وأهْوَاءَهُم، بل تُكَفِّرُ أَيضًا مَنْ يُخَالِفُ أُصُولَهُم الَّتِي انْتَحَلُوها مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ فَلَهُم مِنَ الطَّعْنِ فِي علماءِ السَّلَفِ وفي عِلمِهم ما لَيْسَ لأهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ ولَيْسَ انْتِحَالُ مَذْهَبِ السَّلَفِ مِن شَعَائِرِهم، وإِنْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِخِلافِةِ الخُلفاءِ الأربَعَةِ ويُعَظِّمُونَ مِن أَئِمَّةِ الإسْلاَمِ وجُمهُورِهم ما لا يُعَظِّمُه أولئك «يعني الرافضةَ والخَوارِجَ»؛ فلهُم مِن القَدحِ في كثيرٍ منهم ما لَيْسَ هَذَا مَوضِعَه، وللنَّظامِ مِن القَدحِ فِي الصَّحَابَةِ ما لَيسَ هَذا مَوْضِعَهُ، فعَلِمَ أنَّ شِعَارَ أهلِ البِدَعِ هُو تَركُ انتِحَالِ اتِّباع السَّلَفِ؛ ولِهَذَا قالَ الإمَامُ أحمدُ فِي «رسالةِ عبدوسَ ابْنِ مَالكٍ»: أصولُ السنةِ عندَنا التَّمَسُّكُ بما كانَ عَليهِ أصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .


الشرح