ومن البدع ما هو فسقٌ اعتقادي
كمذاهب الخوارج والقدرية والمرجئة..
ومن البدع ما هو معصيةٌ دون
الفسق كالغلو والزيادة في أداء العبادة عن الحد المشروع، كالذي يصلي الليل ولا
ينام، والذي لا يتزوج النساء، أو لا يأكل اللحم والطيبات من الرزق، ويعتبر ذلك من
باب الزهد والتقرب إلى الله.
أيها المسلمون: إن البدع تبعد عن
الله وعن دينه الصحيح، وهي شرٌ لا خير فيها، قال صلى الله عليه وسلم: «وَشَرُّ
الأُْمُورِ مُحْدَثَاتُهَا» ([1]).
والبدعة أحب إلى
الشيطان من المعصية، لأن العاصي يعترف بخطئه ويتوب، أما المبتدع فيرى أنه على
صوابٍ فلا يتوب، ولأن المبتدع يشرِّع دينًا لم يأذن به الله، ويحاد الله ورسوله
ولو حسن قصده، فإن حسن القصد وسلامة النية لا يبرران المخالفة للكتاب والسنة، قال
تعالى: ﴿وَمَن
يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦ وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم
مُّهۡتَدُونَ ٣٧} [الزخرف: 36، 37].
فالشياطين تزين
لهؤلاء مخالفتهم حتى يحسبوا الضلال هدى والباطل حقًا، وقال تعالى: ﴿قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم
بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا ١٠٣ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ
يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا ١٠٤} [الكهف: 103، 104].
قال الإمام ابن كثيرٍ رحمه الله: هذه الآية عامة في كل من عبد الله على غير طريقةٍ مرضيةٍ، يحسب أنه مصيبٌ فيها وأن عمله مقبولٌ وهو مخطئٌ وعمله مردودٌ، كما قال تعالى: ﴿وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٍ خَٰشِعَةٌ ٢ عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ ٣ تَصۡلَىٰ نَارًا حَامِيَةٗ ٤} [الغاشية: 2- 4].
([1]) أخرجه: مسلم رقم (867).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد