ومن المعلوم أنه لا
يجوز العمل بكل ما وُجِدَ في الكتاب أو الاقتداء بما عليه الناس، حتى يعرض ذلك على
الكتاب والسنة، فما وافقهما قُبِل، وما خالفهما رُد، فالكتب فيها الدس الكثير،
وفيها الأحاديث المكذوبة والحكايات الباطلة والخرافات الضالة، وأعمال الناس فيها
الخطأ والصواب، ولا يميز هذا إلا الكتاب العزيز والسنة الصحيحة، وما كان عليه
السلف الصالح من صدر هذه الأمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ
يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي
وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا
عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» ([1]).
وعن حذيفة بن اليمان
رضي الله عنهما: «كل عبادةٍ لا يتعبَّدها أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم فلا
تعبَّدوها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً، فاتقوا الله يا معشر القراء وخذوا طريق
من كان قبلكم».
وعن الحسن رحمه الله
قال: لا يقبل الله لصاحب بدعةٍ صومًا ولا صلاةً ولا حجًا ولا عمرةً حتى يدعها.
وقال محمد بن مسلم: من وقَّر صاحب بدعةٍ فقد أعان على هدم الإسلام، وهكذا كان السلف يحذِّرون من البدع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذَّر منها، ولما تجره على المسلمين من ويلاتٍ وعلى الدين من خللٍ، ولما بلغ ابن مسعودٍ رضي الله عنه «أن جماعةً يجلسون في الْمَسْجِدِ حلقًا في كل حلقةٍ رجلٌ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، فأتاهم ابن مسعودٍ رضي الله عنه وَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالَ، فقال: ما هَذَا الَّذِي
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد