×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ، قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ، هَؤُلاَءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلاَلَةٍ، قَالُوا: وَاللهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ، قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ» ([1]).

وجاء رجلٌ إلى الإمام مالك بن أنسٍ رحمه الله فقال: من أين أحرم؟ فقال: من الميقات الذي وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم منه، فقال الرجل: وإن أحرمت من أبعد منه، فقال مالكٌ: لا أرى ذلك، فقال الرجل: ما تكره من ذلك؟ قال مالكٌ: أكره عليك الفتنة، قال الرجل: وأي فتنةٍ في ازدياد الخير؟ قال مالكٌ: فإن الله تعالى يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63]، وأي فتنةٍ أعظم من أنك خُصَّصت بفضلٍ لم يختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: ومن أعظم ما يوقع الناس في البدع التشبه بالكفار، كما في حديث أبي واقد الليثي، قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، وَلِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، وَيَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ فَمَرَرْنَا بسِّدْرَةِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السَّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لموسى:


الشرح

([1])  أخرجه: الدارمي رقم (210)..