×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

الإسراء والمعراج لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا في غيره، ولم يهتم الصحابة ولا علماء الإسلام من بعدهم في البحث عن تعيين هذه الليلة؛ لأنها لا يتعلق بها حكمٌ شرعي، فلا فائدة لنا في تعيينها، وقد اختلف المؤرخون في تعيينها وتعيين الشهر الذي حصلت فيه، فقيل: هي في شهر ذي القعدة قبل الهجرة بستة عشر شهرًا، وقيل: في شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنةٍ، وأما كون هذه الليلة في شهر رجب فهو لم يثبت كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثيرٍ رحمه الله، وقال الإمام ابن القيم: «لم يقم دليلٌ على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفةٌ ليس فيها ما يقطع به، ولا شُرِعَ للمسلمين تخصيص الليلة التي يُظَن أنها ليلة الإسراء فضيلةٌ على غيرها، ولا كان الصحابة ولا التابعون لهم بإحسانٍ يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمرٍ من الأمور ولا يذكرونها، ولهذا لا يُعرَف أي ليلةٍ كانت، وإن كان الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلم يُشرَع تخصيص ذلك الزمان ولا ذلك المكان بعبادةٍ شرعيةٍ» انتهى كلامه رحمه الله.

ولو ثبت تعيين ليلة الإسراء لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيءٍ من العبادات ولم يجز لهم أن يحتفلوا فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يحتفلوا فيها ولم يخصوها بشيءٍ، ولو كان الاحتفال فيها مشروعًا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة إما بالقول وإما بالفعل، ولو وقع شيءٌ من ذلك لعُرفَ واشتهر ولنقله الصحابة إلينا.

فالاحتفال فيها بدعةٌ ليس من دين الإسلام، فعلى من يفعله من المسلمين أن يتركه، وعلى المسلم أن لا يغتر بما يفعله المبتدعة من


الشرح