×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

واليوم يا عباد الله كم نقرأ ونسمع من الآيات والأحاديث، ونُعْرِضُ عن العمل بما نسمع مع أن ما نسمعه ولا نعمل به سيكون حجة علينا يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»([1]).

لننظر ما مدى استجابتنا لنداءات الله المتكررة والمتنوعة في كتابه... يا أيها الناس، يا بني آدم، يا أيها الذين آمنوا، يا عباد، قال بعض السلف: إذا سمعت الله يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [البقرة: 104]، فأصغ لها سمعك فإنه خيرٌ تُؤمر به أو شرٌّ تحذر منه، قد أخبر سبحانه أن ما يأمر به ويدعو إليه فيه حياة القلوب التي تترتب عليها الحياة الكاملة السعيدة للأبدان في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ [الأنفال: 24].

قال بعض المفسرين:﴿لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ هو القرآن، وقال بعضهم: هو الإسلام، لأن فيه حياتهم من الكفر، كما قال تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ [الأنعام: 122].

وقيل: هو الجهاد لأن فيه عز المسلمين بعد الذل، والقوة بعد الضعف، ثم توعد سبحانه من لم يستجب لما دعا إليه فقال: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِ [الأنفال: 24].

فمن لم يستجب له ولرسوله عاقبه بصرف قلبه، فلا يقبل الحق بعد ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ [الأنعام: 110]، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ [الصف: 5].


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (223).