×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

 الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، سُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([1]).

فتبين بهذا أن الذين يستحقون أن يسموا بالعلماء هم علماء الشريعة، لأن العلم الحقيقي هو العلم الذي جاءت به الرسل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «والْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَْنْبِيَاءِ» ([2]).

فهم الذين في بقائهم في الأرض مصلحة العباد والبلاد، وبفقدهم تفقد الأرض زينتها، وبفقد أهل الأرض من يهتدون به في ظلماء الجهل والشبه والشكوك، ويتسلط شياطين الإنس والجن على إغواء الناس، ولا يجدون من يرجمهم بثواقب الحجج العلمية التي تبطل كيدهم وتدحض حجتهم، وقد صار اليوم كثيرٌ من الناس يطلقون العلم على النظريات الحديثة في الطب والاختراعات والصناعات، ويسمون المخترعين والمفكرين في النظرية الحديثة بالعلماء، حتى صار لفظ العلم والعلماء لا ينصرف عند هؤلاء إلى هذه الأشياء وأصحابها، وأما العلم الشرعي فلا يسمونه علمًا، ولا يسمون أصحابه بالعلماء، حتى لقد سمعنا أن منهم من يستنكر تسمية المعاهد التي تُدرس فيها علوم الشريعة واللغة بالمعاهد العلمية، لأن لفظ العلم يراد به عندهم نظريات العصر وتقنياته، حتى إن أحدهم إذا أراد أن يمدح الإسلام أو القرآن قال: إنه لا يتعارض مع العلم، وكأن الإسلام شيءٌ والعلم شيءٌ آخر، بل بلغ الأمر ببعضهم أن يفسر القرآن بالنظريات الحديثة ومنجزات التقنية المعاصرة ويعتبر هذا فخرًا للقرآن حيث وافق في رأيه


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2682)، وابن ماجه رقم (223).