×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

هذه النظريات، ويسمى هذا بالإعجاز العلمي، وهذا خطأ كبيرٌ، لأنه لا يجوز تفسير القرآن بمثل هذه النظريات والأفكار؛ لأنها تتغير وتتناقض ويكذب بعضها بعضًا، والقرآن حقٌ ومعانيه حقٌ لا تناقض فيه، ولا تغير في معانيه مع مرور الزمن، أما أفكار البشر ومعلوماتهم فهي قابلةٌ للخطأ والصواب وخطؤها أكثر من صوابها، وكم من نظريةٍ مسلمةٍ اليوم، تحدث بنظريةٌ تكذبها غدًا، فلا يجوز أن تربط القرآن بنظريات البشر وعلومهم الظنية والوهمية المتضاربة المتناقضة.

وتفسير القرآن الكريم له قواعد معروفة لدى علماء الشريعة، لا يجوز تجاوزها، وتفسير القرآن بغير مقتضاها، وهذه القواعد هي:

أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمِل في موضع منه فُصِّل في موضعٍ آخر، وما أُطلِق في موضعٍ قُيِّد في موضع، وما لم يوجد في القرآن تفسيره فإنه يُفسَّر بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن السنة شارحةٌ للقرآن ومبينةٌ له، قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 44].

وما لم يوجد تفسيره في السُنَّة فإنه يُرجَع فيه إلى تفسير الصحابة، لأنهم أدرى بذلك لمصاحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلُّمِهم على يديه، وتلقِّيهم القرآن وتفسيره منه، حتى قال أحدهم: ما كنا نتجاوز عشر آياتٍ حتى نعرف معانيهن والعمل بهن.

وما لم يوجد له تفسيرٌ عن الصحابة فكثيرٌ من الأئمة يرجِع فيه إلى أقوال التابعين لتلقيهم العلم، عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلمهم القرآن ومعانيه على أيديهم، فما أجمعوا عليه فهو حجةٌ، وما اختلفوا فيه فإنه يُرجَع فيه إلى لغة العرب التي نزل بها القرآن.


الشرح