×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

وفي وصية لقمانٍ لابنه قال: يا بني إن الإيمان قائدٌ، والعمل سائقٌ، والنفس حرونٌ، فإن فتر سائقها ضلت عن الطريق، وإن فتر قائدها حرنت، فإذا اجتمعا استقامت.

إن النفس إذا أُطعمَت طمعت، وإذا فُوِّضت إليها أساءت وإذا حَمَلْتَها على أمر الله صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت، فاحذر نفسك واتهمها على دينك، وأنزلها منزلة من لا حاجة له فيها ولا بد له منها، وإن الحكيم يذل نفسه بالمكاره حتى تعترف بالحق، وإن الأحمق يخير نفسه في الأخلاق، فما أحبت منها أحب وما كرهت منها كره...

عباد الله: لا شك أن النفس تكره مشقة الطاعة، وإن كانت تعقب لذةً دائمةً، وتحب لذة الراحة وإن كانت تعقب حسرةً وندامةً، فهي تكره قيام الليل وصيام النهار، وتكره التبكير في الذهاب إلى المسجد، فكم من شخصٍ يجلس الساعات في المقاهي والأسواق ويبخل بالدقائق القليلة يجلسها في المسجد، تكره إنفاق المال في طاعة الله، وتكره الجهاد في سبيل الله، كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [البقرة: 216].

تكره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، تكره القيام بالإصلاح بين الناس، وهكذا ما من طاعةٍ إلا وللنفس موقف الممانع المعادي، فإن أنت أطعتها أهلكتك وخسرتها، كما قال تعالى: {قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ [الزمر: 15].


الشرح