والمسارعة إلى
الطاعات، والمبادرة بالأعمال نصوص كثيرة، مما يدل على أنها إذا لم يبادر إليها
فاتت، كما يدل الحديث على استثناء الأعمال الخيرية التي يستمر نفعها بعد موت
صاحبها وأنها لا تنقطع بموته، بل يستمر أجرها ما دام ينتفع بشيء منها ولو طال
بقاؤها وأنها يتجدد ثوابها بتجدد نفعها وهذه الأشياء هي:
أولاً: الصدقة
الجارية: وقد فسرها العلماء بالوقف الخيري: كوقف العقارات، والمساجد، والمدارس،
وبيوت السكني، والنخيل، والمصاحف، والكتب المفيدة، ووقف سَقَّايات المياه من آبار
وبرك وبرادات وغيرها، وفي هذا دليل على مشروعية الوقف النافع والحث عليه، وأنه من
أفضل الأعمال التي يقدمها الإنسان لنفسه في الآخرة، وهذا بإمكان العلماء والعوام.
ثانيًا: العلم النافع، وذلك بأن يقوم الإنسان في حياته بتعليم الناس أمور دينهم، وهذا خاص بالعلماء الذين قاموا بنشر العلم بالتعليم وتأليف الكتب ونسخها، وبإمكان العامي أيضًا أن يشارك في ذلك بطبع الكتب النافعة أو شرائها وتوزيعها أو وقفها وشراء المصاحف وتوزيعها على المحتاجين أو جعلها في المساجد، وهذا فيه حث على تعلُّم العلم وتعليمه ونشره ونشر كتبه لينتفع بذلك الناس في حياته وبعد موته، والعلم يبقى نفعه ما دام في الأرض مسلم وصل إليه هذا العلم، فكم من عالم مات من مئات السنين وعلمه باق ينتفع به بواسطة كتبه التي ألفها وتداولتها الأجيال تلو الأجيال من بعده، وبواسطة طلابه وطلاب طلابه، وكلما ذكره المسلمون دعوا له وترحموا عليه، وذلك بفضل الله يؤتيه من يشاء، وكم أنقذ الله بعالم مصلح أجيالاً من الناس من الضلالة، وناله مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد