وحياء الرب من عبده
حياء كرم وبر وجود وجلال، فإنه حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن
يردهما صفرًا، ويستحيي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام.
وأما الحياء الذي
بين العبد وبين الناس: فهو الذي يكف العبد عن فعل ما لا يليق به، فيكره أن
يطلع الناس منه على عيب ومذمة، فيكفه الحياء عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق،
فالذي يستحيي من الله يجتنب ما نهاه عنه في كل حالاته: في حال حضوره مع الناس، وفي
حاله غيبته عنهم، وهذا حياء العبودية والخوف والخشية من الله عز وجل، وهو الحياء
المكتسب من معرفة الله، ومعرفة عظمته، وقربه من عباده، وإطلاعه عليهم، وعلمه
بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهذا الحياء من أعلى خصال الإيمان، بل هو من أعلى
درجات الإحسان، كما في الحديث: «الإِْحْسَانُ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ
تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» ([1]).
والذي يستحي من الناس لا بد أن يكون مبتعدًا عما يُذَمُّ من قبيح الخصال وسيء الأعمال والأقوال، فلا يكون سبابًا، ولا نمامًا ولا مغتابًا، ولا يكون فاحشًا ولا متفحشًا، ولا يجاهر بمعصية، ولا يتظاهر بقبيح، حياؤه من الله يمنعه من فساد الباطن، وحياؤه من الناس يمنعه من فساد الظاهر، فيكون صالحًا في باطنه وظاهره، وفي سره وعلانيته، فلهذا صار الحياء من الإيمان، ومن سلب الحياء لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة، وصار كأنه لا إيمان له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُْولَى:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (9).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد